أخبار حماد عجرد ونسبه
  يا ضيعة الشعر ويا سوءتا ... لي ولأزماني أزمانا
  من بعد شتمي القرد لا والَّذي ... أنزل توارة وقرآنا(١)
  ما أحد من بعد شتمي له ... أنذل منّي، كان من كانا
  / قال: فقال لي: لمن هذا الشعر؟ فقلت: لحمّاد عجرد في بشّار، فأنشأ يتمثّل بقول الشاعر:
  ما يضرّ البحر أمسى زاخرا ... أن رمى فيه غلام بحجر
  / ثم قال: يا أخي، إنس هذا الشعر فنسيانه أزين بك، والخرس(٢) كان أستر على قائله.
  هجاه بشار أكثر مما هجاه هو
  أخبرني عليّ بن سليمان قال: حدّثني هارون بن يحيى قال: حدّثني عليّ بن مهديّ قال: أجمع العلماء بالبصرة أنه ليس في هجاء حمّاد عجرد لبشّار شيء جيّد إلا أربعين بيتا معدودة، ولبشّار فيه من الهجاء أكثر من ألف بيت جيّد، قال: وكلّ واحد منهما هو الَّذي هتك صاحبه بالزّندقة وأظهرها عليه، وكانا يجتمعان عليها، فسقط حمّاد عجرد وتهتّك بفضل بلاغة بشّار وجودة معانيه، وبقي بشّار على حاله لم يسقط، وعرف مذهبه في الزندقة فقتل به.
  مجاشع بن مسعدة يهجو حمادا
  أخبرني محمّد بن العبّاس اليزيديّ قال: حدّثني عمّي(٣) الفضل عن إسحاق الموصليّ أنّ مجاشع بن مسعدة أخا عمرو بن مسعدة هجا حمّاد عجرد وهو صبيّ حينئذ ليرتفع بهجائه حمّادا، فترك حمّادا وشبّب بأمّه، فقال:
  راعتك أمّ مجاشع ... بالصدّ بعد وصالها(٤)
  واستبدلت بك والبلا ... ء عليك في استبدالها
  / جنّيّة من بربر ... مشهورة بجمالها
  فحرامها أشهى لنا ... ولها من استحلالها(٥)
  فبلغ الشعر عمرو بن مسعدة، فبعث إلى حمّاد بصلة، وسأله الصفح عن أخيه، ونال أخاه بكلّ مكروه، وقال له:
  ثكلتك أمّك، أتتعرّض لحمّاد وهو يناقف(٦) بشّارا ويقاومه، واللَّه لو قاومته لما كان لك في ذلك فخر، ولئن تعرّضت له ليهتكنّك وسائر أهلك، وليفضحنّا فضيحة لا نغسلها أبدا عنّا.
  شعره في جارية
  أخبرني عمي قال: حدّثنا محمّد بن سعد الكرانيّ قال: حدّثني أبو عليّ بن عمّار قال: كان حمّاد عجرد عند
(١) كذا في ب، س، ج. والَّذي في باقي الأصول «وفرقانا».
(٢) كذا في ج، ط، مط، مب، ها، وهو الصواب. والَّذي في ب، س «والحر من»؛ وهو تصحيف.
(٣) ساقطة من ب، س، ج. وقد أثبتناها عن باقي الأصول.
(٤) راعتك: أفزعتك بالصد: وفي ج، ب، س «والصدق»؛ وهو تحريف، والتصويب عن ط، مط، مب، ها.
(٥) في ج «أشهى لنا من استجلالها» وفيه سقط من الناسخ.
(٦) المناقفة والنقاف: المضاربة بالسيوف على الرؤوس.