كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حماد عجرد ونسبه

صفحة 486 - الجزء 14

  أبي عمرو بن العلاء، وكانت لأبي عمرو جارية يقال لها منيعة، وكانت رسحاء⁣(⁣١) عظيمة البطن، وكانت تسخر⁣(⁣٢) بحمّاد، فقال حمّاد لأبي عمرو: أغن عنّي⁣(⁣٣) جاريتك فإنّها حمقاء، وقد استغلقت⁣(⁣٤) لي، فنهاها أبو عمرو فلم تنته فقال لها حماد عجرد:

  لو تأتّى لك التحوّل حتّى ... تجعلي خلفك اللطيف أماما

  ويكون القدّام ذو الخلقة الجز ... له خلقا مؤثّلا مستكاما⁣(⁣٥)

  لإذا كنت يا منيعة خير النّ ... اس خلفا وخيرهم قدّاما

  شعره في محمّد بن طلحة

  أخبرني عمي قال: حدّثني الكراني قال: حدّثني الحسن بن عمارة قال: نزل حمّاد عجرد على محمّد بن طلحة، فأبطأ عليه بالطعام، فاشتد جوعه، فقال فيه حمّاد:

  زرت امرأ في بيته مرّة ... له حياء وله خير⁣(⁣٦)

  يكره أن يتخم أضيافه ... إنّ أذى التّخمة محذور

  ويشتهي أن يؤجروا عنده ... بالصّوم والصالح مأجور

  قال: فلمّا سمعها محمّد قال له: عليك لعنة اللَّه، أي شيء حملك على هجائي، وإنما انتظرت أن يفرغ لك من الطعام؟ قال: الجوع وحياتك حملني عليه، وإن زدت في الإبطاء زدت في القول، فمضى مبادرا حتى جاء بالمائدة.

  ردّه على حفص بن أبي وزة حين طعن على مرقش

  أخبرني الحسين بن يحيى وعيسى بن الحسين ووكيع وابن أبي / الأزهر قالوا: حدّثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال: كان حفص بن أبي وزّة صديقا لحمّاد عجرد، وكان حفص مرميا بالزّندقة، وكان أعمش أفطس أغضف⁣(⁣٧) مقبّح الوجه، فاجتمعوا يوما على شراب، وجعلوا يتحدّثون ويتناشدون، فأخذ حفص بن أبي وزّة يطعن على مرقّش ويعيب شعره ويلحّنه، فقال له حمّاد:

  لقد كان في عينيك يا حفص شاغل ... وأنف كثيل العود عمّا تتبّع⁣(⁣٨)

  تتبّع لحنا في كلام مرقّش ... ووجهك مبنيّ على اللَّحن أجمع


(١) رسحاء: وصف من الرسح بالتحريك، وهو قلة لحم العجز والفخذين.

(٢) كذا في ب، س. والَّذي في ج، ط، مط، مب، ها: «تعجرد حماد».

(٣) أغنها عني: اصرفها وكفها، قال تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه ِ} أي يكفه.

(٤) من قولهم: استغلقت عليّ بيعته: إذا لم يكن لي خيار في ردّها.

(٥) في ب، س،

ويكون القدام في الخلف من ... ك حبركي ...

والتصويب عن باقي الأصول. والمؤثل: المجتمع. والمستكام: اسم مفعول من استكان الرجل المرأة: إذا جامعها.

(٦) الخير: الكرم والشرف والأصل.

(٧) الأغضف: المتدلي الأذنين كالكلب على التشبيه.

(٨) الثيل: بالكسر والفتح: القصيب. والعود: الجمل المسن.