أخبار حماد عجرد ونسبه
  فأذناك إقواء وأنفك مكفأ ... وعيناك إيطاء فأنت المرقّع(١)
  شعره في جبة لبعض الكتّاب
  أخبرني عمّي قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: ذكر أبو دعامة عن عاصم بن الحارث بن أفلح، قال: رأى حمّاد عجرد على بعض الكتّاب جبّة خزّ دكناء فكتب إليه:
  إنّني عاشق لجبّتك الدك ... ناء عشقا قد هاج لي أطرابي
  فبحقّ الأمير إلا أتتني ... في سراح مقرونة بالجواب
  ولك اللَّه والأمانة أن أج ... علها أشهرا أمير ثيابي
  فوجه إليه بها. وقال للرسول: قل له وأيّ شيء لي من المنفعة في أن تجعلها أمير ثيابك؟ وأيّ شيء عليّ من الضرر في غير ذلك من فعلك، لو جعلت مكان هذا مدحا لكان أحسن، ولكنّك رذّلت لنا شعرك فاحتملناك.
  مرض فلم يعده مطيع بن إياس فقال شعرا في ذلك
  أخبرني أحمد بن العبّاس العسكريّ والحسن بن عليّ الخفّاف، قالا: حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ عن عليّ بن منصور قال: مرض حمّاد عجرد فلم يعده مطيع بن إياس، فكتب إليه:
  كفاك عيادتي من كان يرجو ... ثواب اللَّه في صلة المريض
  فإن تحدث لك الأيّام سقما ... يحول جريضه دون القريض(٢)
  يكن طول التأوّه منك عندي ... بمنزلة الطَّنين من البعوض
  أخبرني عمّي قال: حدّثنا ابن أبي سعد قال: زم أبو دعامة أن التّيّحان(٣) بن أبي التّيّحان قال: كنت عند حمّاد عجرد فأتاه والبة بن الحباب(٤)، فقال له: ما صنعت في حاجتي؟ فقال: ما صنعت شيئا، فدعا والبة بدواة وقرطاس وأملى عليّ:
  /
  عثمان ما كانت عدا ... تك بالعدات الكاذبة
  فعلام يا ذا المكرما ... ت وذا الغيوث الصائبة(٥)
  أخّرت وهي يسيرة ... في الرّزء(٦) حاجة والبه؟
  فأبو أسامة حقّه ... أحد الحقوق الواجبة
(١) الإقواء، هو اختلاف حركة الرويّ كأن يكون في آخر البيت كلمة «المحمود» مرفوعا وفي آخر البيت الثاني «المعدود» مجرورا.
والإكفاء: هو أن يخالف الشاعر بين قوافيه فيجعل بعضها ميما وبعضها نونا وبعضها دالا وبعضها طاء وبعضها حاء ونحو ذلك.
والإيطاء، هو إعادة كلمة الرويّ لفظا ومعنى، وهو عيب.
(٢) يقال: جرض بريقه، أي ابتلع ريقه على هم وحزن بجهد ومشقة. والقريض: الشعر.
(٣) يقال: رجل تيحان يتعرض لكل مكرمة وأمر شديد.
(٤) هو أستاذ أبي نواس، من شعراء الكوفة.
(٥) صاب المطر صوبا: انصب.
(٦) في ب، س: «في الرّد».