كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أحيحة بن الجلاح ونسبه وخبره والسبب الذي من أجله قال الشعر

صفحة 35 - الجزء 15

  وأقمنا به من الشّهر ستّا ... وجعلنا له به إقليدا

  ثم أبنا منه نؤمّ سهيلا ... قد رفعنا لواءنا المعقودا⁣(⁣١)

  قال: وتهوّد تبّع وأهل اليمن بذينك الحبرين.

  خلاف أحيحة مع بني النجار وخيانة زوجه له:

  أخبرني محمد بن مزيد⁣(⁣٢) قال: أخبرني حمّاد بن إسحاق عن أبيه، قال: حدّثني أبو البختري عن أبي إسحاق، قال: أخبرني أيوب بن عبد الرحمن:

  أنّ رجلا من بني مازن بن النجار يقال له كعب بن عمرو، تزوّج امرأة من بني سالم بن عوف⁣(⁣٣) فكان يختلف إليها، فقعد له رهط من بني جحجبى بمرصد، فضربوه حتّى قتلوه أو كادوا، فأدركه القوافل⁣(⁣٤) فاستنقدوه؛ فلما بلغ ذلك أخاه عاصم بن عمرو خرج وخرج معه بنو النجّار وخرج أحيحة بن الجلاح ببني عمرو بن عوف، فالتقوا بالرّحابة⁣(⁣٥)، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل أخا عاصم يومئذ أحيحة بن الجلاح، وكان يكنى أبا وحوحة، فأصابه في أصحابه حين انهزموا، وطلب عاصم أحيحة حتّى انتهى إلى البيوت، فأدركه عاصم عند باب داره فزجّه بالرمح، ودخل⁣(⁣٦) أحيحة الباب، ووقع الرّمح في الباب، ورجع عاصم وأصحابه فمكث أياما. ثم إنّ عاصما طلب أحيحة ليلا ليقتله في داره، فبلغ ذلك أحيحة، وقيل له إنّ عاصما قد رئي البارحة عند الضّحيان⁣(⁣٧) والغابة⁣(⁣٨) - وهي أرض لأحيحة، والضّحيان: أطم له - وكان أحيحة إذ ذاك سيّد قومه من الأوس، وكان رجلا صنعا للمال⁣(⁣٩)، شحيحا عليه، يبيع⁣(⁣١٠) بيع الربا بالمدينة، حتّى كاد يحيط بأموالهم، وكان له تسع وتسعون بعيرا⁣(⁣١١) كلَّها ينضح / عليها، وكان له بالجرف أصوار⁣(⁣١٢) من نخل قلّ يوم يمرّ به إلَّا يطَّلع فيه، وكان له أطمان: أطم في قومه / يقال له المستظلّ، وهو الذي تحصّن فيه حين قاتل تبّعا أسعد أبا كرب الحميريّ، وأطمه الضّحيان بالعصبة⁣(⁣١٣) في أرضه التي يقال لها الغابة⁣(⁣١٤) بناه بحجارة سود وبنى عليه نبرة⁣(⁣١٥) بيضاء مثل الفضّة، ثم جعل عليها مثلها، يراها الراكب من مسيرة يوم أو نحوه،


(١) نؤم سهيلا، أي نقصد اليمن. وسهيل مطلعه اليمن.

(٢) ما عدا ط، مب، مط ح: «محمد بن يزيد».

(٣) ما عدا ط، ما، مب: «بن عون».

(٤) القوافل، بقافين: بطن من الأنصار. وفي الأصول: «القوافل».

(٥) الرحابة: بضم الراء: موضع بالمدينة.

(٦) فيما عدا ط، مب، مط، ح: «وقفل»، تحريف.

(٧) هذا ما في ط، مب، مط. وفي سائر النسخ: «قد روي عن الضحيان» تحريف.

(٨) ط: «والعناية» ح: «والعنانة» أ: «والعباية». مط: «والعاية».

(٩) الصنع، بالتحريك: الحاذق الماهر. ما عدا ط، مب: «صنيعا» محرّف.

(١٠) ما عدا ط، مب، مط: «يتبع».

(١١) ط، مط: «بئرا». ومؤدّى العبارتين واحد.

(١٢) أصوار: جمع صور، بالفتح، وهو النخل الصغار أو المجتمع. والمعروف في جمعه «صيران».

(١٣) سبق الكلام عليها في صفحة ٣٧.

(١٤) انظر ما سبق قريبا ص ٤٧.

(١٥) النبرة: كل شيء مرتفع فوق شيء. ط، مب، مط: «بئره» تحريف.