كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الخنساء وخبرها وخبر مقتل أخويها صخر ومعاوية

صفحة 69 - الجزء 15

  وألَّا ترزئي نفسا ومالا ... يضرّك هلكه في طول عمري

  [فقد كذبتك نفسك فاكذبيها ... فإن جزع وإن إجمال صبر⁣(⁣١)

  وإنّ الرزء يوم وقفت أدعو ... فلم أسمع معاوية بن عمرو]

  رأيت مكانه فعرضت بدءا ... وأيّ مقيل رزء يا ابن بكر

  إلى إرم وأحجار وصير ... وأغصان من السّلمات سمر

  / - صير، الواحدة صيرة، وهي حظيرة الغنم. وقوله: وأغصان من السلمات، أي ألقيت على قبره -

  وبنيان القبور أتى عليها ... طوال الدّهر من سنة وشهر

  ولو أسمعته لسرى حثيثا ... سريع السّعي أو لأتاك يجري

  بشكَّة حازم لا عيب فيه ... إذا لبس الكماة جلود نمر

  - أي كأنّ ألوانهم ألوان النمور، سواد وبياض من السلاح. عن أبي عبيدة -

  فإمّا تمس في جدث مقيما ... بمسهكة من الأرواح قفر⁣(⁣٢)

  فعزّ عليّ هلكك يا ابن عمرو ... وما لي عنك من عزم وصبر

  لقاء صخر لابن حرملة:

  / قال أبو الحسن الأثرم: فلمّا دخل الشهر الحرام - فيما ذكر أبو عبيدة عن [أبي]⁣(⁣٣) بلال بن سهم - من السّنة المقبلة، خرج صخر بن عمرو حتّى أتى بني مرّة بن عوف بن ذبيان، فوقف على ابني حرملة، فإذا أحدهما به طعنة في عضده - قال: لم يسمّه أبو بلال بن سهم. فأمّا خفاف بن عمير فزعم في كلمته تلك أنّ المطعون هاشم - فقال:

  أيّكما قتل أخي معاوية؟ فسكتا فلم يحيرا إليه شيئا⁣(⁣٤)، فقال الصّحيح للجريح: ما لك لا تجيبه؟ فقال: وقفت له فطعنني هذه الطعنة في عضدي، وشدّ أخي عليه فقتله، فأيّنا قتلت أدركت ثأرك، إلَّا أنا لم نسلب أخاك. قال: فما فعلت فرسه الشّمّاء؟ قال: ها هي [تلك]⁣(⁣٥) خذها. فردّها عليه⁣(⁣٦) فأخذها ورجع، فلما أتى صخر / قومه قالوا له:

  اهجهم. قال: إنّ ما بيننا أجلّ من القذع، ولو لم أكفف نفسي إلَّا رغبة عن الخنا لفعلت.

  شعره في ذلك:

  وقال صخر في ذلك:

  وعاذلة هبّت بليل تلومني ... ألا لا تلوميني كفى اللوم ما بيا


(١) ويروى: «فإن جزعا وإن إجمال صبر» بالنصب. «الخزانة» (٤: ٤٤٢). وهذا البيت وما بعده من ط، ها، مب فقط.

(٢) المسهكة: ممر الريح. سهكت الريح؛ مرت مرا شديدا. وهذا الصواب من ط، ها، مب. وفي سائر النسخ: «بمسلهة».

(٣) تكملة من ها.

(٤) لم يحيرا: لم يرجعا ولم يردا. وهذا ما في ط، ح، م، ها، مب. وفي سائر النسخ: «فلم يخبراه شيئا».

(٥) التكملة من مب.

(٦) هذا ما في ط، ها، مب. وفي ح، م: «فرد عليه». وفي سائر النسخ: «فرد عليها».