كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر تهاجي عبد الرحمن بن حسان وعبد الرحمن بن الحكم

صفحة 78 - الجزء 15

  معه، وأقبل عليه بوجهه وحديثه ثم قال: ابنتي الأخرى عاتبة عليك. قال: في أيّ شيء؟ قال: في مدحتك أختها وتركك إياها. قال: فلها العتبى وكرامة، أنا ذاكرها وممتدحها⁣(⁣١). فلما فعل وبلغ ذلك الناس قالوا: قد كنا نرى أنّ نسيب⁣(⁣٢) بن حسّان بابنة معاوية لشيء، فإذا هو عن رأي معاوية وأمره. وعلم من كان يعرف أنه ليس له بنت أخرى، أنّه إنما خدعه ليشبّب بها، ولا أصل لها فيعلم الناس أنه كذب على الأولى لما ذكر الثانية.

  وقد قيل في حمل يزيد بن معاوية الأخطل على هجاء الأنصار: إنّه فعل ذلك تعصّبا لعبد الرحمن بن الحكم بن العاص بن أمية، أخي مروان بن الحكم في مهاجاته عبد الرحمن، وغضبا له، لمّا استعلاه ابن حسّان في الهجاء.

  ذكر خبرهما في التهاجي والسبب في ذلك

خبر تهاجي عبد الرحمن بن حسّان وعبد الرحمن بن الحكم:

  أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدّثنا أبو سعيد السكري قال: حدثنا أبو غسّان دماذ⁣(⁣٣)، عن أبي عبيدة قال: أخبرني أبو الخطاب الأنصاري قال:

  كان عبد الرحمن بن حسّان خليلا لعبد الرحمن بن الحكم بن العاص مخالطا له، فقيل له: إن ابن حسان يخلفك في أهلك. فراسل امرأة ابن حسّان فأخبرت بذلك زوجها وقالت: أرسل إليّ: إنّي أحبّك حبّا أراه قاتلي! فأرسل ابن حسّان إلى امرأة ابن الحكم وكانت تواصله وقال للرسول: إذهب إليها وقل لها: إن / امرأتي تزور أهلها اليوم فزوريني حتّى نخلو. فزارته فقعد معها ساعة ثم قال لها: قد واللَّه جاءت امرأتي. فأدخلها بيتا إلى جنبه وأمر امرأته فأرسلت إلى عبد الرحمن بن الحكم: إنّك ذكرت حبّك إياي وقد وقع ذلك في قلبي، وإنّ ابن حسّان قد خرج اليوم إلى ضيعته فهلمّ فتهيّأ ثمّ أقبل. فإنّه لقاعد معها إذ قالت له: قد جاء ابن حسّان فادخل هذا البيت فإنّه⁣(⁣٤) لا يشعر بك. فأدخلته البيت الذي فيه امرأته، فلما رآها أيقن بالسّوأة ووقع الشرّ بينهما، وهجا كلّ واحد منهما صاحبه.

  قال أبو عبيدة: هذه رواية أبي الخطَّاب الأنصاري، وأمّا قريش فإنّهم يزعمون أنّ مرأة ابن حسّان كانت تحبّ عبد الرحمن وتدعوه إلى نفسها فيأبى ذلك، حفظا لما بينه وبين زوجها، وبلغ ذلك ابن حسان فراسل امرأة ابن الحكم حتّى فضحها، وبلغ ذلك ابن الحكم وقيل له: إنك إذا أتيت ضيعتك أرسلت إلى ابن حسّان فكان معها. فأمر ابن الحكم أهله فقال: عالجوا سفرة حتّى أطالع مالي بمكان كذا وكذا. فخرج وبعثت امرأته إلى ابن حسان فجاء كما كان يفعل، ورجع ابن الحكم حين ظنّ أن ابن حسان قد صار عندها، فاستفتح فقالت: ابن الحكم واللَّه! وخبّأته


(١) ما عدا ط، ها، مب: «وممدها».

(٢) ما عدا ط، ج، مب: «أن تشبب».

(٣) كذا ضبط بكسر الدال في ط، ها، مب. ودماذ لقب له واسمه رفيع بن سلمة. انظر «إنباه الرواة» ٢: «بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم حيث تجد مراجع ترجمته.

(٤) كذا في ها، مب. وفي سائر الأصول: «لأنه».