كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر تهاجي عبد الرحمن بن حسان وعبد الرحمن بن الحكم

صفحة 79 - الجزء 15

  خلفها في بيت، ودخل عبد الرحمن فبعث إلى امرأة ابن حسان: إنه قد وقعت لك في قلبي مقة⁣(⁣١)، فأقبلي إليّ الساعة، فتهيأت وأقبلت حتّى دخلت / عليه، فوضعت ثيابها وزوجها ينظر فقال لها: قد كنت أكثرت الإرسال إليّ فما شأنك؟ قالت: إني واللَّه هالكة من حبّك. قال: وزوجها يسمع، وإنّما أراد أن يعلمه أنّها قد كانت ترسل إليه ويأبى عليها. وزعم أنها هي التي قالت لابن الحكم إنّ ابن حسّان يخلفك في أهلك. فلما فرغ من كلامه وأسمعه زوجها قال / لها: قد جاءت امرأتي. وأدخلها البيت الذي فيه ابن حسّان، فلما جمعهما في مكان واحد خرج عنهما، فخرجا وطلَّق امرأته.

  دعاء مروان بن الحكم وأخيه:

  أخبرني ابن دريد قال: أخبرني الرياشي قال: حدّثنا ابن بكير عن هشام بن الكلبي عن خالد بن سعيد عن أبيه قال:

  رأيت مروان بن الحكم يطوف بالبيت ويقول: اللَّهم أذهب عني الشّعر! وأخوه عبد الرحمن يقول: اللَّهم إني أسألك ما استعاذ منه! فذهب الشعر عن مروان، وقاله عبد الرحمن.

  خبر آخر في التهاجي بين عبد الرحمن بن حسّان وعبد الرحمن بن الحكم:

  وأمّا هشام بن الكلبيّ فإنه حدث عن خالد وإسحاق ابني سعيد بن العاصي، أنّ سبب التهاجي بينهما أنّهما خرجا إلى الصيد بأكلب لهما في إمارة مروان، فقال ابن الحكم لابن حسّان:

  ازجر كلابك أنها قلطيّة ... بقع ومثل كلابكم لم تصطد⁣(⁣٢)

  فردّ عليه ابن حسّان:

  من كان يأكل من فريسة صيده ... فالتّمر يغنينا عن المتصيّد⁣(⁣٣)

  إنا أناس ريّقون وأمّكم ... ككلابكم في الولغ والمتردّد⁣(⁣٤)

  حزناكم للضّبّ تحترشونه ... والريف، نمنعكم بكلّ مهنّد⁣(⁣٥)

  / ثم رجعا إلى المدينة فجعلا يتقارضان، فقال عبد الرحمن بن الحكم في قصيدة:

  ومثل أمّك أمّ العبد قد ضربت ... عندي وليّ بفناتي مزهر جرم⁣(⁣٦)

  وأنت عند ذناباها تعاونها ... على القدور تحسّى خاثر البرم⁣(⁣٧)


(١) المقة: الحب، ومقها يمقها مقة.

(٢) القلطي من الكلاب: ضرب منها قصير مجتمع. وانظر الحيوان للجاحظ (١: ١٥٧). والبقع: جمع أبقع وبقعاء، وهو ما فيه سواد وبياض.

(٣) ها: «فريسة كلبه». المتصيد: ما يتصيده الصائد، أو هو الصيد، مصدر ميمي. يعيرهم بالصيد وحرش الضباب.

(٤) الريق: الذي على الريق لم يفطر. والمتردد: التردد، مصدر ميمي كذلك.

(٥) احتراش الضب: صيده. ما عدا ط: «يمنعكم» و «تمنعكم» تحريف.

(٦) بفنائي، هي الصواب من ط، ها، مب. وفي سائر النسخ: «بغناء». والمزهر: العود. والجرم: الصافي الصوت، جرم: صفا صوته.

ط، ح، مب: «حرم» بالحاء المهملة، ولا وجه له. ها: «هذم».

(٧) ما عدا ط، ها، مب: «غلى القدور» تحريف. تحسى، أي تتحسى: تشرب شيئا بعد شيء. والخائر: الغليظ.