خبر تهاجي عبد الرحمن بن حسان وعبد الرحمن بن الحكم
  لا يرفع الرحمن مصروعكم ... ولا يوهّي قوّة الصارع(١)
  فقالت له امرأته: ما دعا أحد قبلك للأسد بخير قطَّ. قال: ولا نصر أحدا كما نصرني.
  دعوة مسكين الدارمي لابن حسّان أن يتهاجيا:
  وقال ابن الكلبيّ: كان الأخطل ومسكين الدارميّ صديقين لابن الحكم، فاستعان بهما على ابن حسّان، فهجاه الأخطل، وقال له مسكين: ما كنت لأهجو أحدا أو أعذر(٢) إليه. فكتب إليه مسكين بقصيدته اللامية يدعوه إلى المفاخرة والمنافرة، فقال في أوّلها:
  /
  ألا إنّ الشّباب ثياب لبس ... وما الأموال إلَّا كالظَّلال
  فإن يبل الشّباب فكلّ شيء ... سمعت به سوى الرحمن بال
  جواب ابن حسان:
  وهي طويلة جدا، يفخر فيها بمآثر بني تميم. فأجابه ابن حسّان فقال:
  أتاني عنك يا مسكين قول ... بذلت النّصف فيه غير آل(٣)
  دعوت إلى التناضل غير قحم ... ولا غمر يطير لدى النضال(٤)
  وهي أطول من قصيدة مسكين. ثم انقطع التناضل بينهما.
  تحريض الأخطل على هجاء الأنصار:
  قال دماذ: فحدّثني أبو عبيدة قال: حدّثني أبو حيّة النميري قال: حدّثني الفرزدق قال:
  كنّا في ضيافة معاوية، ومعنا كعب / بن جعيل التّغلبي، فحدّثني أنّ يزيد بن معاوية قال له: إنّ ابن حسّان فضح عبد الرحمن بن الحكم وغلبه، وفضحنا، فاهج الأنصار. قال: فقلت له: أرادّي أنت في الشرك، أأهجو قوما نصروا رسول اللَّه ﷺ وآله وآووه؟ ولكنّي أدلَّك على غلام منا نصرانيّ لا يبالي أن يهجوهم، كأنّ لسانه لسان ثور.
  قال: من هو؟ قلت: الأخطل. فدعاه وأمره بهجائهم، فقال: على أن تمنعني؟ قال: نعم.
  قال أبو عبيدة: إن معاوية دسّ إلى كعب وأمره بهجائهم، فدلَّه على الأخطل، فقال الأخطل قصيدته التي هجا فيها الأنصار، وقد مضت ومضى خبرها وخبر النعمان بن بشير.
  / وزاد أبو عبيدة عمن روينا ذلك عنه: أنّ النعمان بن بشير ردّ على الأخطل فقال:
  أبلغ قبائل تغلب ابنة وائل ... من بالفرات وجانب الثّرثار(٥)
(١) ما عدا ط، ها، مب: «لا يرفع الرحمن مصدوعهم» و «الصادع».
(٢) أعذر إليه: لم يبق فيه موضعا للاعتذار. ما عدا ط، ح، ها، مب: «واعتذر إليه». تحريف.
(٣) النصف: الإنصاف والمعدلة. غير آل: غير مقصر ولا تارك.
(٤) القحم: الذي قد أقحمته السن تراه قد هرم من غير أوان الهرم. والغمر: هو الجاهل الغر الذي لا تجربة له.
(٥) الثرثار: واد عظيم بالجزيرة.