كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حبابة

صفحة 93 - الجزء 15

  وليس عطاء كان منه بمانع ... وإن جلّ من أضعاف أضعافه غدا

  أهان تلاد المال في الحمد إنّه ... إمام هدى يجري على ما تعوّدا

  تردّى بمجد من أبيه وأمّه ... وقد أورثا بنيان مجد مشيّدا

  فقال لها يزيد: ويحك يا حبابة، ومن من قريش هذا؟ قالت: أنت. قال: ومن يقول هذا الشعر؟ قالت:

  الأحوص يا أمير المؤمنين. وقالت سلامة: فليسمع أمير المؤمنين باقي ثنائه عليه فيها. ثم اندفعت فغنته:

  ولو كان بذل الجود والمال مخلدا ... من الناس إنسانا لكنت المخلَّدا

  فأقسم لا أنفكّ ما عشت شاكرا ... لنعماك ما طار الحمام وغرّدا

  قضاء معبد في المفاضلة بين حبابة وسلامة:

  أخبرني إسماعيل قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: علي بن الجعد قال: حدّثني أبو يعقوب الخريمي، عن أبي بكر بن عياش: أن حبابة وسلَّامة اختلفتا في صوت معبد:

  ألا حيّ الديار بسعد إنّي ... أحبّ لحبّ فاطمة الديارا

  / فبعث يزيد إلى معبد فأتى به، فسأل: لم بعث إليه؟ فأخبر، فقال: لأيّتهما المنزلة عند أمير المؤمنين؟

  فقيل: لحبابة. فلما عرضتا عليه الصوت قضى لحبابة، فقالت سلامة: واللَّه ما قضى إلا للمنزلة، وإنّه ليعلم أنّ الصواب ما غنّيت، ولكن ائذن لي يا أمير المؤمنين في صلته لأنّ له عليّ حقّا. قال: قد أذنت. فكان ما وصلته به أكثر من حبابة.

  نسبة هذا الصوت

  ألا حيّ الديار بسعد إنّي ... أحبّ لحبّ فاطمة الديارا⁣(⁣١)

  إذا ما حلّ أهلك يا سليمى ... بدارة صلصل شحطوا مزارا⁣(⁣٢)

  / الشعر لجرير، والغناء لابن محرز، خفيف ثقيل أوّل بالسبابة في مجرى البنصر.

  بين الفرزدق والأحوص:

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال:

  نزل الفرزدق على الأحوص حين قدم المدينة فقال له الأحوص: ما تشتهي؟ قال: شواء وطلاء وغناء⁣(⁣٣).

  قال: ذلك لك. ومضى به إلى قينة بالمدينة فغنته:


(١) سعد، بالفتح: موضع قريب من المدينة. وقد أنشد ياقوت الأبيات في (سعد) بضم السين على أنه ماء ونخل غربي اليمامة.

(٢) دارة صلصل لعمرو بن كلاب، كما في ياقوت. شحطوا: بعدوا. ط، مب و «ديوان جرير» ٢٨٠: «المزارا» وأثبت ما في ها. وفي سائر النسخ «الديارا» بالتكرار لما سبق.

(٣) الطلاء: الخمر، أو ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه، وتسميه العجم «ميبختج».