كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حسان وجبلة بن الأيهم

صفحة 115 - الجزء 15

  فانحرها على قبره. فقال حسان: ليتك وجدتني ميّتا ففعلت ذلك بي؟

  أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدّثنا الزبير قال: لي عبد الرحمن بن عبد اللَّه الزبيري: قال الرسول الذي بعث به إلى جبلة. ثم ذكر قصته مع الجارية التي جاءت بالجامين والطائر الذي تمعّك فيهما، وذكر قول حسان:

  إن ابن جفنة من بقية معشر

  ولم يذكر غير ذلك. هكذا روى أبو عمرو في هذا الخبر.

  رسول معاوية إلى ملك الروم ولقاؤه لجبلة:

  وقد أخبرني به أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال: قال عبد اللَّه بن مسعدة الفزاريّ:

  وجّهني معاوية إلى ملك الروم، فدخلت عليه، فإذا عنده رجل على سرير من ذهب دون مجلسه، فكلَّمني بالعربية فقلت: من أنت يا عبد اللَّه؟ قال: أنا رجل غلب عليه الشّقاء، أنا جبلة بن الأيهم، إذا صرت إلى منزلي فألقني. فلما انصرف وانصرفت أتيته في داره فألفيته على شرابه، وعنده قينتان تغنّيانه بشعر حسّان بن ثابت:

  قد عفا جاسم إلى بيت رأس ... فالحواني فجانب الجولان⁣(⁣١)

  / وذكر الأبيات. فلما فرغتا من غنائهما أقبل عليّ ثم قال: ما فعل حسّان بن ثابت؟ قلت: شيخ كبير قد عمي. فدعا بألف دينار فدفعها إليّ، وأمرني أن أدفعها إليه ثم قال: أترى صاحبك يفي لي إن خرجت إليه؟ قال:

  قلت قل ما شئت أعرضه عليه. قال: يعطيني الثنيّة⁣(⁣٢) فإنها كانت منازلنا، وعشرين قرية من الغوطة منها داريّا وسكَّاء، ويفرض لجماعتنا ويحسن جوائزنا. قال: قلت أبلغه. فلما قدمت على معاوية قال: وددت أنّك أجبته إلى ما سأل فأجزته له. وكتب إليه معاوية يعطيه ذلك، فوجده قد مات.

  قال: وقدمت المدينة فدخلت مسجد رسول اللَّه ، فلقيت حسان فقلت: يا أبا الوليد، صديقك جبلة يقرأ عليك السلام. فقال: هات ما معك. قلت: وما علمك أنّ معي شيئا، قال: ما أرسل إليّ بالسلام قطَّ إلَّا ومعه شيء. قال: فدفعت إليه المال.

  حديث حسّان مع رسول جبلة:

  أخبرني إبراهيم بن محمد بن أيوب قال: حدّثنا عبد اللَّه بن مسلم قال: حدّثني عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ عن عمه، عن أهل المدينة قالوا:


(١) سبق الكلام على البيت في ص ١٥٥.

(٢) الثنية: ثنية العقاب، بضم العين، وهي ثنية مشرفة على غوطة دمشق.