أخبار حسان وجبلة بن الأيهم
  بعث جبلة إلى حسّان بخمسمائة دينار وكسى وقال للرسول: إن وجدته قد مات فابسط هذه الثياب على قبره.
  فجاء فوجده حيا، فأخبره فقال: لوددت أنك وجدتني ميتا.
  نسبة ما في هذه الأخبار من الأغاني
  صوت
  تنصّرت الأشراف من عار لطمة ... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
  الأبيات الخمسة.
  الشعر لجبلة بن الأيهم، والغناء لعريب نصب(١) خفيف، وبسيط رمل بالوسطى. ومنها:
  صوت
  إنّ ابن جفنة من بقية معشر ... لم يعذهم آباؤهم باللَّوم
  الأبيات الأربعة(٢). الشعر لحسّان بن ثابت، والغناء لعريب، هزج بالبنصر.
  حديث حسّان مع الحارث بن أبي شمر:
  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال: حدّثنا عمي يوسف بن محمد قال: حدّثني عمي إسماعيل بن أبي محمد قال: قال الواقديّ: حدّثني محمد بن صالح قال:
  كان حسّان بن ثابت يغدو على جبلة بن الأيهم سنة ويقيم سنة في أهله، فقال: لو وفدت على الحارث بن أبي شمر الغسّاني، فإنّ له قرابة ورحما بصاحبي، وهو أبذل الناس للمعروف، وقد يئس منّي أن أفد عليه، لما يعرف من انقطاعي إلى جبلة.
  قال: فخرجت في السنة التي كنت أقيم فيها بالمدينة، حتى قدمت على الحارث وقد هيّأت له مديحا، فقال لي حاجبه، وكن لي ناصحا: إنّ الملك / قد سرّ بقدومك عليه، وهو لا يدعك حتّى تذكر جبلة، فإياك أن تقع فيه فإنّه إنما يختبرك، وإن رآك قد وقعت فيه زهد فيك؛ وإن رآك تذكر محاسنه ثقل عليه فلا تبتديء بذكره، وإن سألك عنه فلا تطنب في الثناء عليه ولا تعبه، امسح ذكره مسحا، وجاوزه إلى غيره، فإنّ صاحبك - يعني جبلة - أشدّ إغضاء عن هذا [من هذا](٣)، أي أشدّ تغافلا وأقلّ حفلا به، وذلك أنّ صاحبك أعقل من هذا وأبين، وليس لهذا بيان، فإذا دخلت عليه فسوف يدعوك إلى الطعام، وهو رجل يثقل عليه أن / يؤكل طعامه ولا يبالي الدرهم والدينار، ويثقل عليه أن يشرب شرابه أيضا؛ فإذا وضع طعامه فلا تضع يدك حتّى يدعوك، وإذا دعاك فأصب من طعامه بعض الإصابة. قال: فشكرت لحاجبه ما أمرني به.
(١) كذا على الصواب في ط، ها، مط. وفي ح: «نصيب»، وفي سائر النسخ: «نصف» محرّفتان.
(٢) ط، أ، ها، مط: «الثلاثة».
(٣) التكملة من ط، مط، وهي في أمع أثر ترميج.