نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد
  وبعمّك المستوه في ردع ... وأخيك منعفرين في الجفر(١)
  ونسيت فاحشة أتيت بها ... يا هند ويحك سيئة الذكر(٢)
  فرجعت صاغرة بلا ترة ... منّا ظفرت بها ولا نصر
  زعم الولائد أنّها ولدت ... ولدا صغيرا كان من عهر
  تعقب أبي سفيان للمسلمين ووعيده لهم:
  قال محمد بن جرير: ثم إنّ أبا سفيان بن حرب أشرف على القوم فيما حدّثنا هارون بن إسحاق قال: حدّثنا مصعب بن المقدام قال حدّثنا إسرائيل، وحدّثنا ابن وكيع قال: حدّثنا أبي عن إسرائيل قال حدّثنا ابن إسحاق عن البرّاء قال:
  ثم إن أبا سفيان أشرف علينا فقال: أفي القوم محمد؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: لا تجيبوه! مرّتين، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاثا. فقال رسول اللَّه ﷺ: لا تجيبوه!(٣)]. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أمّا هؤلاء فقد قتلوا، لو كانوا في الأحياء لأجابوا! فلم يملك عمر بن الخطاب / ¥ نفسه أن قال: كذبت يا عدوّ اللَّه، قد أبقى اللَّه لك ما يخزيك. فقال: أعل هبل، أعل هبل! فقال رسول اللَّه ﷺ: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا «اللَّه أعلى وأجلّ» قال أبو سفيان: لنا العزّى ولا عزّى لكم. فقال رسول اللَّه ﷺ: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا اللَّه مولانا ولا مولى لكم. قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، أما إنكم ستجدون في القوم مثلا لم آمر بها ولم تسؤني.
  لما أجاب عمر ¥ أبا سفيان قال له أبو سفيان: هلمّ يا عمر. فقال رسول اللَّه ﷺ: ايته فانظر ما شأنه؟ فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك اللَّه يا عمر أقتلنا محمدا؟ فقال عمر: اللهمّ لا، وإنّه ليسمع كلامك الآن.
  قال: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبرّ؛ لقول ابن قمئة لهم: إنّي قتلت محمدا. ثم نادى أبو سفيان فقال: إنّه قد كان مثل(٤) واللَّه ما رضيت ولا سخطت، ولا أمرت ولا نهيت، وقد كان الحليس بن زبّان، أخو بني الحارث بن عبد مناة، وهو يومئذ سيّد الأحابيش، قد مرّ بأبي سفيان بن حرب وهو يضرب في شدق حمزة # و / هو يقول: ذق عقق(٥)! فقال الحليس: يا بني كنانة، هذا سيّد قريش يصنع بابن عمه كما ترون لحما(٦)! فقال اكتمها عليّ فإنّها كانت زلَّة قال: فلما انصرف أبو سفيان ومن معه نادى: أن موعدكم بدر، العام / المقبل. فقال رسول اللَّه ﷺ لرجل من أصحابه: «قل: نعم، هي بيننا وبينك موعد».
(١) المستوه: المضروب في استه: والردع: الدم. ط، والطبري: «ودع». وفي «الديوان»: «المسلوب بزته». والجفر: البئر. وهذه رواية ط، مط و «الديوان»، وفي الطبري وسائر النسخ: «الحفر» بالحاء المهملة.
(٢) في «الديوان» والطبري: «سبة الدهر». وسيئة، في رواية أبي الفرج، هو تخفيف السيئة. قال:
أني جزوا عامرا سيئا بفعلهم ... أم كيف يجزونني السوأى من الحسن
(٣) التكملة من ط، ها، مط، مب والطبري (٣: ٢٣).
(٤) الطبري: «قد كان في قتلاكم مثل». والمثل: جمع مثلة.
(٥) في «اللسان»: «ذق عقق، أي ذق جزاء فعلك يا عاق» ... وعقق معدول عن عاق للمبالغة، كغدر من غادر، وفسق من فاسق.
(٦) مطابق لما في الطبري و «السيرة» ٥٨٦ جوتنجن. أراد وهو قتيل.