كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد

صفحة 133 - الجزء 15

  خروج علي بن أبي طالب في أثر المشركين:

  ثم بعث رسول اللَّه عليّ بن أبي طالب # فقال: اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون، فإن كانوا قد جنبوا وامتطوا الإبل فإنّهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة، فوالذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم ثم لأناجزنّهم. قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ما يصنعون، فلما جنبوا الخيل وامتطوا الإبل توجّهوا إلى مكَّة، وكان رسول اللَّه قال لي: أيّ ذلك كان فأخفه حتّى يأتيني. قال عليّ: فلما رأيتهم قد توجّهوا إلى مكة أقبلت أصيح، ما أستطيع أن أكتم الذي أمرني به رسول اللَّه ، لما بي من الفرح، إذ رأيتهم انصرفوا إلى مكَّة عن المدينة، وفرغ الناس لقتلاهم⁣(⁣١). فقال رسول اللَّه - كما حدّثنا ابن حميد قال:

  حدّثنا سلمة قال حدّثني محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة⁣(⁣٢) المازني أخي بني النجار.

  سؤال رسول اللَّه عن سعد بن الربيع:

  أنّ رسول اللَّه قال: «من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع - وسعد أخو بني الحارث بن الخزرج - أفي الأحياء هو أم في الأموات؟». فقال رجل من الأنصار: أنا أنظر لك يا رسول اللَّه ما فعل. فنظر فوجده جريحا في القتلى به رمق. قال: فقلت له: إنّ رسول اللَّه أمرني أن أنظر له أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ قال: فأنا في الأموات. أبلغ رسول اللَّه وقل له: إنّ سعد بن الربيع يقول لك: جزاك اللَّه خير / ما جزى نبيّا عن أمته، وأبلغ قومك عنّي السلام وقل لهم: إنّ سعد بن الربيع يقول: لا عذر لكم عند اللَّه جلّ وعزّ إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف. ثم لم أبرح حتّى مات |، فجئت رسول اللَّه وأخبرته.

  التماس الرسول لحمزة بين القتلى وحزنه عليه:

  وخرج رسول اللَّه ، فيما بلغني، يلتمس حمزة بن عبد المطلب #، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده، ومثّل به فجدع أنفه وأذناه.

  وعن ابن إسحاق قال: فحدّثني محمد بن جعفر بن الزبير أنّ رسول اللَّه قال حين رأى بحمزة ما رأى:

  «لولا أن تحزن صفية أو تكون سنة من بعدي لتركته حتّى يكون في أجواف السباع وحواصل الطير، ولئن أنا أظهرني اللَّه على قريش في موطن من المواطن لأمثلنّ بثلاثين رجلا منهم». فلما رأى المسلمون حزن رسول اللَّه وغيظه على ما فعل بعمّه قالوا: واللَّه لئن أظهرنا اللَّه عليهم يوما من الدهر لنمثلنّ بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قطَّ.

  وعن محمد بن إسحاق قال: حدّثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس. قال ابن حميدة قال سلمة، وحدّثني محمد بن إسحاق قال: فحدّثنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن / ابن عباس: أنّ اللَّه ø أنزل في ذلك من قول رسول اللَّه (⁣٣): {وإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما


(١) في الأصول: «لقتالهم»، صوابه من الطبري (٣: ٢٤) و «السيرة» ٥٨٣ جوتنجن.

(٢) كذا في الطبري. وفي الأصول: «بن عبد الرحمن أخي صعصعة». لكن في ها: «بن أخي صعصعة».

(٣) زاد في الطبري: «وقول أصحابه».