كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره

صفحة 140 - الجزء 15

  إلى سعيد فيه، فقال: إنّه للسبيل. فقال: خمسون سيفا قاطعا أغنى من سيف واحد. فأعطاهم خمسين ألف درهم وأخذه.

  حديث إسلام عمرو بن معديكرب:

  وذكر ابن النطَّاح أنّ المدائني حكى عن أبي اليقظان عن جويرية بن أسماء قال: أقبل النبيّ من غزاة تبوك يريد المدينة، فأدركه عمرو بن معديكرب الزّبيدي في رجال من زبيد، فتقدم عمرو ليلحق برسول اللَّه ، فأمسك حتّى أوذن به، فلما تقدّم رسول اللَّه يسير قال: حيّاك اللَّه إلهك، أبيت اللعن! فقال رسول اللَّه : «إنّ لعنة اللَّه وملائكته والناس أجمعين على الذين لا يؤمنون باللَّه ولا باليوم الآخر. فآمن باللَّه يؤمنك يوم الفزع الأكبر». فقال عمرو بن معديكرب: وما الفزع الأكبر؟ قال رسول اللَّه : «إنّه فزع ليس كما تحسب وتظنّ، إنّه يصاح بالناس صيحة لا يبقى حيّ إلَّا مات، إلا ما شاء اللَّه من ذلك، ثم يصاح بالناس صيحة لا يبقى ميّت إلا نشر، ثم تلجّ تلك الأرض بدويّ تنهّد منه الأرض، وتخرّ منه الجبال، وتنشق السماء انشقاق القبطية الجديد⁣(⁣١) ما شاء اللَّه في ذلك، ثم تبرز النار فينظر إليها حمراء مظلمة قد صار لها لسان في السماء، ترمي بمثل رؤوس الجبال من شرر النار، فلا يبقى ذو روح إلَّا انخلع قلبه، وذكر ذنبه. أين أنت يا عمرو» قال: إنّي أسمع أمرا عظيما! فقال رسول اللَّه : «يا عمرو أسلم / تسلم». فأسلم وبايع لقومه على الإسلام، وذلك منصرف رسول اللَّه من غزاة تبوك، وكانت في رجب من سنة تسع⁣(⁣٢).

  ضخامة بدنة:

  وقال أبو هارون السّكسكي البصريّ: حدّثني أبو عمرو المدينيّ أنّ عمر بن الخطاب ¥ كان إذا نظر إلى عمرو قال: «الحمد للَّه الذي خلقنا وخلق عمرا!» تعجّبا من عظم خلقه.

  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبّة عن خالد بن خداش عن أبي نميلة قال:

  أخبرني رميح عن أبيه قال:

  رأيت عمرو بن معديكرب في خلافة معاوية شيخا أعظم ما يكون من الرجال، أجشّ الصوت، إذا التفت التفت بجميع جسده. وهذا خطأ من / الرواية.

  موته وقبره:

  والصحيح أنّه مات في آخر خلافة عمر ¥، ودفن بروذة⁣(⁣٣) بين قمّ والريّ. ومن الناس من يقول إنّه قتل في وقعة نهاوند، قبره في ظاهرها موضع يعرف بقبد يشجان⁣(⁣٤)، وأنّه دفن هناك يومئذ هو والنعمان بن مقرّن.


(١) القبطية: ثياب مصرية رقيقة بيضاء. الحديد: المجدودة، أي المقطوعة.

(٢) أسلم عمرو ثم ارتدّ ثم عاود الإسلام بعد أن أسر. «الإصابة» ٥٩٦٥.

(٣) روذة، بضم أوله، كما في ياقوت.

(٤) كذا في أ. وهي في ط، مب مهملة النقط، وفي ح: «بفيديشخان» وفي مط «بقيدسيحان» وفي ها «بفنديسجان» وفي سائر النسخ:

«بقيديشخان».