ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره
  قال أبو عبيدة: وقال في ذلك عمرو بن معديكرب:
  صوت
  ألمم بسلمى قبل أن تظعنا ... إنّ لنامن حبّها ديدنا
  قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قطَّر الفارس إلا أنا
  شككت بالرمح حياز يمه ... والخيل تعدو زيما بيننا(١)
  غنى فيه الغريض ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى البنصر. وفيه رمل بالبنصر يقال إنه لمعبد. ويقال إنه من منحول يحيى المكي.
  / قال أبو عبيدة في رواية أبي زيد عمر بن شبة:
  شهد عمرو بن معديكرب القادسية وهو ابن مائة وستّ سنين. وقال بعضهم: بل ابن مائة وعشر. وقال: ولما قتل العلج عبر نهر القادسية هو وقيس بن مكشوح المرادي، ومالك بن الحارث الأشتر.
  قال: فحدّثني يونس أنّ عمرو بن معديكرب كان آخرهم، وكانت فرسه ضعيفة فطلب غيرها، فأتي بفرس فأخذ بعكوة ذنبه(٢) وأخلد به إلى الأرض، فأقعى الفرس فردّه، وأتى بآخر ففعل به مثل ذلك فتحلحل ولم يقع فقال: هذا على كلّ حال أقوى من تلك، وقال لأصحابه: إنّي حامل وعابر الجسر، فإن أسرعتم بمقدار جزر الجزور وجدتموني وسيفي بيدي أقاتل به تلقاء وجهي، وقد عقر بي القوم(٣) وأنا قائم بينهم وقد قتلت وجرّدت. وإن أبطأتم وجدتموني قتيلا بينهم وقد قتلت وجرّدت. ثم انغمس فحمل في القوم فقال بعضهم: يا بني زبيد، تدعون صاحبكم واللَّه ما نرى أن تدركوه حيا. فحملوا فانتهوا إليه وقد صرع عن فرسه، وقد أخذ برجل فرس رجل من العجم فأمسكها، وإنّ الفارس ليضرب الفرس فما تقدر أن تتحرّك من يده. فلما غشيناه رمى الأعجميّ بنفسه وخلَّى فرسه، فركبه عمرو وقال: أنا أبو ثور، كدتم واللَّه تفقدونني! قالوا: أين فرسك؟ قال رمي بنشّابة فشبّ فصرعني وعار(٤).
  وروى هذا الخبر محمد بن عمر الواقدي عن ابن أبي سبرة(٥) عن أبي عيسى(٦) الخياط. ورواه عليّ بن محمد أيضا عن مرّة عن أبي إسماعيل الهمذاني عن طلحة بن مصرّف. فذكرا مثل هذا.
  ضربه فيل رستم:
  قال الواقدي: وحدّثني أسامة بن زيد، عن أبان بن صالح قال:
  قال عمرو بن معديكرب يوم القادسية: ألزموا خراطيم الفيلة السّيوف، فإنه ليس لها مقتل إلَّا خراطيمها. ثم
(١) زيما: متفرقة.
(٢) العكوة، بالضم: أصل الذنب.
(٣) عقروا به، أي عقروا فرسه. ومنه الحديث: «فعقر حنظلة الراهب بأبي سفيان بن حرب» أي عرقب دابته. ما عدا ط، مط، ها:
«عقرني القوم»، محرّف.
(٤) عار يعير عيارا: ذهب كأنه منفلت.
(٥) كذا على الصواب في ها، مب. وفي سائر النسخ: «عن أبي سبرة».
(٦) مط، ها: «عن عيسى».