كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره

صفحة 144 - الجزء 15

  شدّ على / رستم وهو على الفيل فضرب فيله فجذم عرقوبيه فسقط، وحمل رستم على فرس وسقط من تحته خرج فيه أربعون ألف دينار، فحازه المسلمون، وسقط رستم بعد ذلك عن فرسه⁣(⁣١) فقتله.

  مصرع رستم:

  قال علي بن محمد المدائني: حدّثني علي بن مجاهد عن ابن إسحاق قال:

  لمّا ضرب عمرو الفيل وسقط رستم، سقط على رستم خرج كان على ظهر الفيل فيه أربعون ألف دينار، فمات رستم من ذلك، وانهزم المشركون.

  تنكيله بالفرس يوم القادسية:

  وقال الواقدي: حدّثني ابن أبي سبرة، عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى آل الزبير قال: حدّثنا نيار بن مكرم الأسلمي⁣(⁣٢)، قال:

  شهدت القادسية فرأيت يوما اشتدّ فيه القتال بيننا وبين الفرس، ورأيت رجلا يفعل يومئذ بالعدوّ أفاعيل، يقاتل فارسا ثم يقتحم عن فرسه ويربط مقوده في حقوه فيقاتل، فقلت: من هذا جزاه اللَّه خيرا؟ قالوا: هذا عمرو بن معديكرب.

  قدوم عيينة بن حصن على عمرو:

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا السكن بن سعيد، عن محمد بن عباد، عن ابن الكلبيّ، عن خالد بن سعيد، عن أبي محمد المرهبيّ قال:

  كان شيخ يجالس عبد الملك بن عمير، فسمعته يحدّث قال:

  / قدم عيينة بن حصن الكوفة فأقام بها أياما ثم قال: واللَّه مالي بأبي ثور عهد منذ قدمنا هذا الغائط - يعني عمرو بن معد يكرب - أسرج لي يا غلام. فأسرج له فرسا أنثى من خيله، فلما قرّبها إليه قال له: ويحك أرأيتني ركبت أنثى في الجاهلية فأركبها في الإسلام؟ فأسرج له حصانا فركبه، وأقبل إلى محلَّة بني زبيد فسأل عن محلَّة عمرو فأرشد إليها، فوقف ببابه ونادى: أي أبا ثور، اخرج إلينا. فخرج إليه مؤتزرا كأنما كسر وجبر، فقال: أنعم صباحا أبا مالك. فقال: أوليس قد أبدلنا اللَّه تعالى بهذا: السّلام عليكم؟ قال: دعنا مما لا نعرف، انزل فإنّ عندي كبشا ساحّا⁣(⁣٣). فنزل فعمد إلى الكبش فذبحه ثم كشط عنه وعضّاه⁣(⁣٤)، وألقاه في قدر جماع⁣(⁣٥)، وطبخه حتّى إذا أدرك جاء بجفنة عظيمة فثرد فيها فأكفأ القدر عليها، فقعدا فأكلاه، ثم قال له: أيّ الشراب أحبّ إليك: آللبن أم ما كنا نتنادم عليه في الجاهلية؟ قال: أوليس قد حرّمها اللَّه جل وعزّ علينا في الإسلام؟ قال: أنت أكبر سنا أم أنا؟

  قال: أنت. قال: فأنت أقدم إسلاما أما أنا؟ قال: أنت. قال: فإنّي قد قرأت ما بين دفّتي المصحف فو اللَّه ما وجدت


(١) ط، مط، مب: «من فرسه». ها: «عن الفرس» وأثبت ما في سائر النسخ.

(٢) نيار، بكسر النون، بن مكرم بضم أوّله وسكون ثانيه، اختلف في صحبته. ترجم له في «تهذيب التهذيب» و «الإصابة». ط، مط، ها، مب: «سيّار» محرّف.

(٣) ساحا: بالغا غاية السمن. ما عدا ط، مط، مب: «سياحا» محرف.

(٤) أي كشط عنه جبلده وسلخه. وهذا ما في ط، مط. وفي أ: «كسف» وسائر النسخ: «كشف» محرفتان. وعضاه: قطعه عضوا عضوا.

(٥) قدر جماع، بالكسر، أي عظيمة، وقيل هي التي تجمع الجزور.