ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره
  شدّ على / رستم وهو على الفيل فضرب فيله فجذم عرقوبيه فسقط، وحمل رستم على فرس وسقط من تحته خرج فيه أربعون ألف دينار، فحازه المسلمون، وسقط رستم بعد ذلك عن فرسه(١) فقتله.
  مصرع رستم:
  قال علي بن محمد المدائني: حدّثني علي بن مجاهد عن ابن إسحاق قال:
  لمّا ضرب عمرو الفيل وسقط رستم، سقط على رستم خرج كان على ظهر الفيل فيه أربعون ألف دينار، فمات رستم من ذلك، وانهزم المشركون.
  تنكيله بالفرس يوم القادسية:
  وقال الواقدي: حدّثني ابن أبي سبرة، عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى آل الزبير قال: حدّثنا نيار بن مكرم الأسلمي(٢)، قال:
  شهدت القادسية فرأيت يوما اشتدّ فيه القتال بيننا وبين الفرس، ورأيت رجلا يفعل يومئذ بالعدوّ أفاعيل، يقاتل فارسا ثم يقتحم عن فرسه ويربط مقوده في حقوه فيقاتل، فقلت: من هذا جزاه اللَّه خيرا؟ قالوا: هذا عمرو بن معديكرب.
  قدوم عيينة بن حصن على عمرو:
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا السكن بن سعيد، عن محمد بن عباد، عن ابن الكلبيّ، عن خالد بن سعيد، عن أبي محمد المرهبيّ قال:
  كان شيخ يجالس عبد الملك بن عمير، فسمعته يحدّث قال:
  / قدم عيينة بن حصن الكوفة فأقام بها أياما ثم قال: واللَّه مالي بأبي ثور عهد منذ قدمنا هذا الغائط - يعني عمرو بن معد يكرب - أسرج لي يا غلام. فأسرج له فرسا أنثى من خيله، فلما قرّبها إليه قال له: ويحك أرأيتني ركبت أنثى في الجاهلية فأركبها في الإسلام؟ فأسرج له حصانا فركبه، وأقبل إلى محلَّة بني زبيد فسأل عن محلَّة عمرو فأرشد إليها، فوقف ببابه ونادى: أي أبا ثور، اخرج إلينا. فخرج إليه مؤتزرا كأنما كسر وجبر، فقال: أنعم صباحا أبا مالك. فقال: أوليس قد أبدلنا اللَّه تعالى بهذا: السّلام عليكم؟ قال: دعنا مما لا نعرف، انزل فإنّ عندي كبشا ساحّا(٣). فنزل فعمد إلى الكبش فذبحه ثم كشط عنه وعضّاه(٤)، وألقاه في قدر جماع(٥)، وطبخه حتّى إذا أدرك جاء بجفنة عظيمة فثرد فيها فأكفأ القدر عليها، فقعدا فأكلاه، ثم قال له: أيّ الشراب أحبّ إليك: آللبن أم ما كنا نتنادم عليه في الجاهلية؟ قال: أوليس قد حرّمها اللَّه جل وعزّ علينا في الإسلام؟ قال: أنت أكبر سنا أم أنا؟
  قال: أنت. قال: فأنت أقدم إسلاما أما أنا؟ قال: أنت. قال: فإنّي قد قرأت ما بين دفّتي المصحف فو اللَّه ما وجدت
(١) ط، مط، مب: «من فرسه». ها: «عن الفرس» وأثبت ما في سائر النسخ.
(٢) نيار، بكسر النون، بن مكرم بضم أوّله وسكون ثانيه، اختلف في صحبته. ترجم له في «تهذيب التهذيب» و «الإصابة». ط، مط، ها، مب: «سيّار» محرّف.
(٣) ساحا: بالغا غاية السمن. ما عدا ط، مط، مب: «سياحا» محرف.
(٤) أي كشط عنه جبلده وسلخه. وهذا ما في ط، مط. وفي أ: «كسف» وسائر النسخ: «كشف» محرفتان. وعضاه: قطعه عضوا عضوا.
(٥) قدر جماع، بالكسر، أي عظيمة، وقيل هي التي تجمع الجزور.