كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره

صفحة 146 - الجزء 15

  لقاء جبيلة وربيعة لعمرو وشدّتهما عليه

  وذكر ابن الكلبي⁣(⁣١) ومحمد بن كناسة أنّ جبيلة بن سويد بن ربيعة بن رباب، لقي عمرو بن معد يكرب وهو يسوق ظعنا له فقال عمرو لأصحابه: قفوا حتّى آتيكم بهذه الظعن. فقرّب نحوه حتى إذا دنا منه قال: خلّ سبيل الظَّعن. قال: فلم إذا ولدتني؟ ثم شدّ على عمرو فطعنه فأذراه عن فرسه وأخذ فرسه، فرجع إلى أصحابه فقالوا: ما وراءك؟ قال: كأنّي رأيت منيّتي في سنانه.

  وبنو كنانة يذكرون أنّ ربيعة بن مكدّم الفراسيّ، طعن عمرو بن معد يكرب فأذراه عن فرسه وأخذ فرسه. وأنّه لقيه مرّة أخرى فضربه فوقعت الضربة في قربوس السّرج فقطعه حتّى عض السيف بكاثبة⁣(⁣٢) الفرس، فسالمه عمرو وانصرف.

  سؤال عمرو لمجاشع ابن مسعود

  قال المدائني: حدّثني مسلمة بن محارب، عن داود بن أبي هند قال:

  حمل عمرو بن معد يكرب حمالة⁣(⁣٣)، فأتى مجاشع بن مسعود يسأله فيها.

  / وقال خالد بن خداش: حدّثني أبو عوانة عن حصين بن عبد الرحمن قال:

  بلغني أنّ عمرا أتى مجاشع بن مسعود فقال له: أسألك حملان⁣(⁣٤) مثلي، وسلاح مثلي. قال: إن شئت أعطيتك ذاك من مالي. ثم أعطاه حكمه. وكان الأحنف أمر له بعشرين ألف درهم، وفرس جواد عتيق، وسيف صارم، وجارية نفيسة، فمرّ ببني حنظلة فقالوا له: يا أبا ثور، كيف رأيت صاحبك؟ فقال: للَّه بنو مجاشع ما أشدّ في الحرب لقاءها، وأجزل في اللَّزبات عطاءها⁣(⁣٥)، وأحسن في المكرمات ثناءها، لقد قاتلتها فما أقللتها⁣(⁣٦)، وسألتها فما أبخلتها، وهاجيتها فما أفحمتها!.

  قوّة عمرو بن معد يكرب

  وقال أبو المنهال عيينة بن المنهال: سمعت أبي يحدث قال:

  جاء رجل وعمرو بن معد يكرب واقف بالكناسة⁣(⁣٧) على فرس له، فقال: لأنظرن ما بقي من قوّة أبي ثور.

  فأدخل يده بين ساقيه وبين السّرج، وفطن عمرو فضمّها عليه وحرك فرسه، فجعل الرجل يعدو مع الفرس لا يقدر أن


(١) ما عدا مط، حا، مب، ط «ابن النطاح».

(٢) الكاثبة: هي من الفرس مجتمع كتفيه قدام السرج.

(٣) الحمالة، كسحابة: الدية يحملها قوم عن قوم.

(٤) الحملان، مصدر حمل. عنى به ما يحمل عليه.

(٥) اللزبة: الشدة والقحط. والجمع بسكون الزاي لأنه صفة.

(٦) أقللتها، القاف، أي عددتها قليلة. وفي ط، أ: «أفللتها» فإن صحت كانت مأخوذة من الفل، وهم القوم المنهزمون وفي ها:

«فللتها».

(٧) الكناسة، بالضم: محلة بالكوفة.