كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن معديكرب وأخباره

صفحة 149 - الجزء 15

  وحالت دونها فرسان قيس ... تكشّف عن سواعدها الدّروع

  إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع

  وزاد الناس في هذا الشعر وغنّى فيه:

  وكيف أحبّ من لا أستطيع ... ومن هو للذي أهوى منوع

  ومن قد لامني فيه صديقي ... وأهلي ثمّ كلَّا لا أطيع

  ومن لو أظهر البغضاء نحوي ... أتاني قابض الموت السريع⁣(⁣١)

  فدى لهم معا عمّي وخالي ... وشرخ شبابهم إن لم يطيعوا

  قصته مع ريحانة

  وقد أخبرني الحسين⁣(⁣٢) بن يحيى قال: قال حماد: قرأت على أبي:

  / وأما قصّة ريحانة فإن عمرو بن معد يكرب تزوّج امرأة من مراد، وذهب مغيرا قبل أن يدخل بها، فلما قدم أخبر أنّه قد ظهر بها وضح - وهو داء تحذره العرب - فطلَّقها وتزوّجها رجل آخر من بني مازن بن ربيعة، وبلغ ذلك عمرا وأن الذي قيل فيها باطل، فأخذ يشبّ بها، فقال قصيدته وهي طويلة:

  أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرّقني وأصحابي هجوع

  مقتل عبد اللَّه بن معد يكرب

  وكان عبد اللَّه بن معد يكرب، أخو عمرو، رئيس بني زبيد، فجلس مع بني مازن في شرب منهم⁣(⁣٣). فتغنّى عنده حبشيّ عبد للمخزّم، أحد بني مازن، في امرأة من بني زبيد، فلطمه عبد اللَّه وقال له: أما كفاك أن تشرب معنا حتى تشبب بالنساء؟ فنادى الحبشيّ: يا آل بني مازن! فقاموا إلى عبد اللَّه فقتلوه، وكان الحبشيّ عبدا للمخزم، فرئّس عمرو مكان أخيه، وكان عمرو غزا هو وأبيّ المراديّ فأصابوا غنائم، فادّعى أبيّ أنه قد كان مساندا، فأبى عمرو أن يعطيه شيئا، وكره أبيّ أن يكون بينهما شرّ، لحداثة قتل أبيه، فأمسك عنه. وبلغ عمرا أنّه توعّده، فقال عمرو في ذلك قصيدة له أوّلها:

  شعر عمرو في توعد أبيّ له

  صوت

  أعاذل شكَّتي بدني ورمحي ... وكلّ مقلَّص سلس القياد⁣(⁣٤)

  أعاذل إنّما أفنى شبابي ... وأقرح عاتقي ثقل النّجاد


(١) كذا في ط، ح، ها، مط، مب. وفي سائر النسخ: «قانص».

(٢) ط: «الحسن».

(٣) الشرب: جماعة الشاربين.

(٤) المقلص: الفرس الطويل القوائم المنضم البطن.