كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

رجع الخبر إلى سياقة خبر عمرو

صفحة 158 - الجزء 15

  حتّى ترفّع بالحزّان يركضها ... مثل المهاة مرته الريح فاضطربا⁣(⁣١)

  والغانيات يقتّلن الرجال إذا ... ضرّجن بالزعفران الرّيط والنّقبا⁣(⁣٢)

  من كلّ آنسة لم يغذها عدم ... ولا تشدّ لشيء صوتها صخبا⁣(⁣٣)

  إنّ الغواني قد أهلكنني وأرى ... حبالهنّ ضعيفات القوى كذبا⁣(⁣٤)

  غنّى في هذا الشعر ابن سريج خفيف ثقيل من رواية حماد، وفيه رمل نسبه حبش إليه أيضا.

  قصة نسبة هذا الشعر لسهل الغنوي

  وقال الأصمعيّ: هذا الشعر لسهل بن الحنظلية الغنوي ثم الضّبيني ثم الجابري، وهو جابر بن ضبينة.

  / قال أبو الفرج الأصبهاني: وسهل بن الحنظلية أحد أصحاب رسول اللَّه ، وقد روى عنه حديثا كثيرا.

  فذكر الأصمعيّ أنّ السبب في قوله هذا الشعر أنّه اجتمع ناس من العرب بعكاظ، منهم قرّة بن هبيرة القشيري، في سنين تتابعت على الناس، فتواعدوا وتواقفوا أن لا يتغاوروا حتّى يخصب الناس⁣(⁣٥) ثم قالوا: ابعثوا إلى المنتشر بن وهب الباهلي ثم الوائلي فليشهد أمرنا، ولندخله معنا. فأتاهم فأعلموه ما صنعوه، قال: فما يأكل قومي إلى ذاك؟ فقال له ابن جارم الضبيّ⁣(⁣٦): إنّك لهناك يا أخا باهلة؟ قال: أمّا أنا فالغسل والنساء عليّ حرام حتّى آكل من قمع إبلك⁣(⁣٧). فتفرقوا ولم يكن إلَّا ذلك. وقال ابن جارم للمنتشر عند قوله: استك أضيق من ذاك! فأغار المنتشر على ابن جارم، فلما رآه ابن جارم رمى بنفسه في وجار ضبع، وأطرد المنتشر إبله ورعاءها، فقال سهل في ذلك:

  هاج لك الشّوق من ريحانة الطربا

  في قصيدة طويلة له حسنة. وقال في ذلك أعشى باهلة:

  فدى لك نفسي إذ تركت ابن جارم ... أجبّ السّنام بعد ما كان مصعبا⁣(⁣٨)

  وقال المخبل في ذلك:

  إنّ قشيرا من لقاح ابن جارم ... كغاسلة حيضا وليست بطاهر

  وأنبأتماني أنّ قرّة آمن ... فناك أباه من مجير وخافر⁣(⁣٩)


(١) الضمير في «ترفع» للراحلة، والراحلة تكون للذكر والأنثى، ترفع: ارتفع في سيره. والحزان بضم الحاء وكسرها: جمع حزيز، وهو ما غلظ من الأرض. المهاة: البقرة الوحشية.

(٢) الريط: جمع ريطة: وهي الملاءة غير ذات لفقين. وفي «الأصول:» النيط. والنقب: جمع نقبة، وهي ثوب كالإزار تجعل له حجزة مطيفة من غير نيفق».

(٣) ما عدا ط، أ، مط، مب: «ولا تسدد بشيء صوتها صحبا».

(٤) ما عدا ط، مط، مب: «قد أهلكنني تعبا وخلتهن».

(٥) تواقفوا: وقفوا جميعا. والتغاور: تبادل الغارات.

(٦) ابن جارم الضبي بالجيم والراء المهملة. وفيما عدا ط، أ، ها، مب: «حازم» في كل موضع من هذا الخبر.

(٧) القمع، بالتحريك: جمع قمعة، وهي أعلى السنام.

(٨) الأجب: المقطوع السنام، أو الذي أكله الرجل فلم يكبر. والمصعب: الفحل المكرم.

(٩) ح: «قتال» س: «قتالا».