كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

رجع الخبر إلى سياقة خبر عمرو

صفحة 159 - الجزء 15

  /

  فلا توكلوها الباهليّ وتقعدوا ... لدى غرض أرميكم بالنواقر⁣(⁣١)

  إذا هي حلَّت بالذّهاب وذي حسى ... وراحت خفاف الوطء حوس الخواطر⁣(⁣٢)

  تلاحي الأشعث وعمرو بن معد يكرب

  أخبرنا أحمد بن عمار قال أخبرني يعقوب بن إسرائيل، قال حدّثني قعنب بن المحرز قال أخبرنا الهيثم بن عدي عن ابن عياش⁣(⁣٣) عن محمد بن المنتشر قال:

  أخبرني من شهد الأشعث بن قيس وعمرو بن معد يكرب وقد تنازعا في شيء، فقال عمرو للأشعث: نحن قتلنا أباك ونكنا أمّك! فقال سعد: قوما أفّ لكما! فقال الأشعث لعمرو: واللَّه لأضرّطنّك. فقال: كلَّا إنها عزوز موثقة⁣(⁣٤).

  قال جرير بن عبد اللَّه البجلي: فأخذت بيد الأشعث فنترته⁣(⁣٥) فوقع على وجهه، ثم أخذت بيد عمرو فجذبته فما تحلحل واللَّه، لكأنّما حركت أسطوانة القصر.

  ما كان من عمرو والأجلح الفهمي في حضرة عمر بن الخطاب

  / وقال أبو عبيدة: قدم عمرو بن معد يكرب والأجلح بن وقّاص الفهميّ على عمر بن الخطَّاب ¥، فأتياه وبين يديه مال يوزن، فقال: متى قدمتما؟ قالا: يوم الخميس. قال: فما حبسكما؟ قالا: شغلنا بالمنزل يوم قدمنا، ثم كانت الجمعة، ثم غدونا عليك اليوم. فلما فرغ من وزن المال نحّاه، ثم أقبل عليهما فقال: هيه! فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، هذا الأجلح بن وقّاص، شديد المرّة، بعيد / الفرّة، وشيك الكرة، واللَّه ما رأيت مثله من الرجال صارعا ومصروعا، واللَّه لكأنه لا يموت! فقال عمر للأجلح بن وقّاص، وأقبل عليه: هيه. قال: وأنا أعرف الغضب في وجهه، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ الناس صالحون كثير نسلهم، دارّة أرزاقهم، خصب نباتهم، أجرياء على عدوّهم، جبان عدوّهم عنهم، صالحون بصلاح إمامهم، واللَّه ما رأينا مثلك إلَّا من تقدمك، فنستمتع اللَّه بك.

  فقال: ما منعك أن تقول في صاحبك مثل الذي قال فيك؟ قال: منعني ما رأيت في وجهك. قال: قد أصبت أما لو قلت له مثل الذي قال لك لأوجعتكما عقوبة، فإن تركتك لنفسك فسوف أتركه لك، واللَّه لوددت لو سلمت لكم حالكم هذه أبدا، أما إنّه سيأتي عليك يوم تعضّه وينهشك، وتهرّه وينبحك، ولست له يومئذ وليس لك، فإن لم يكن بعهدكم فما أقربه منكم⁣(⁣٦).


(١) النواقر: السهام الصائبة. ما عدا ط، ها: «بالنوافر» تحريف.

(٢) الذهاب، بضم أوّله وكسره: غائط من أرض بني الحارث بن كعب. وذو حسي: واد بأرض الشربة من ديار عبس وغطفان.

والحوس: جمع أحوس وحوساء، وهو البطئ التحرك من المرعى. والخواطر: جمع خاطر وخاطرة، وهو الذي يخطر بذنبه من الخيلاء. س: «حوش».

(٣) ط، مط، مب: «عن ابن عباس عن عمه».

(٤) الأصل في معنى العزوز أنها الناقة أو الشاة الضيقة الإحليل. ح: «عزور» مط «غروز» وفي سائر النسخ ما عدا ط، ها، مب:

«غرور».

(٥) النتر: الجذب بجفاء.

(٦) العهد: المعرفة والرؤية. س: «بعدكم» تحريف. وفيما عدا ط، ها، مط، مب: «فما أقربكم منكم»، تحريف أيضا.