رجع الخبر إلى سياقة خبر عمرو
  طمع عمرو في العطاء من غنائم القادسية
  قال أبو عبيدة: حدّثنا يونس وأبو الخطاب قالا:
  لما كان يوم القادسية أصاب المسلمون أسلحة وتيجانا ومناطق ورقابا(١) فبلغت مالا عظيما، فعزل سعد الخمس ثم فضّ البقية، فأصاب الفارس ستة آلاف، والراجل ألفان، فبقي مال دثر(٢). فكتب إلى عمر ¥ بما فعل، فكتب إليه أن ردّ على المسلمين الخمس، وأعط من لحق بك ممن لم يشهد الوقعة. ففعل فأجراهم مجرى من شهد، وكتب إلى عمر بذلك، فكتب إليه أن فضّ ما بقي على حملة القرآن. فأتاه عمرو بن معد يكرب فقال: ما معك من كتاب اللَّه تعالى؟ فقال: إنّي أسلمت باليمن، ثم غزوت فشغلت عن حفظ القرآن. قال: ما لك في هذا المال نصيب.
  شعره وشعر بشر بن ربيعة في حرمانهما من العطاء
  قال: وأتاه بشر بن ربيعة الخثعمي، صاحب جبّانة(٣) بشر فقال: ما معك من كتاب اللَّه؟ قال: ﷽. فضحك القوم منه ولم يعطه شيئا، فقال عمرو في ذلك:
  إذا قتلنا ولا يبكي لنا أحد ... قالت قريش ألا تلك المقادير
  نعطى السويّة من طعن له نفذ ... ولا سويّة إذ تعطى الدنانير(٤)
  وقال بشر بن ربيعة:
  أنخت بباب القادسيّة ناقتي ... وسعد بن وقّاص عليّ أمير
  وسعد أمير شرّه دون خيره ... وخير أمير بالعراق جرير
  وعند أمير المؤمنين نوافل ... وعند المثنّى فضّة وحرير
  تذكَّر هداك اللَّه وقع سيوفنا ... بباب قديس والمكرّ عسير(٥)
  عشية ودّ القوم لو أنّ بعضهم ... يعار جناحي طائر فيطير
  إذا ما فرغنا من قراع كتيبة ... دلفنا لأخرى كالجبال تسير(٦)
  ترى القوم فيها وأجمعين كأنّهم ... جمال بأحمال لهنّ زفير(٧)
  إجازة عمر لهما على بلائهما في الحرب
  / فكتب سعد إلى عمر رضي اللَّه تعالى عنه بما قال لهما وما ردّا عليه، وبالقصيدتين، فكتب أن أعطهما على بلائهما. فأعطى كلّ واحد منهما ألفي درهم.
(١) رقابا، كذا وردت في معظم «الأصول»، ولعلها ضرب من حلى الرقاب. وبدلها في ها: «وذوائب».
(٢) مال دثر: كثير.
(٣) أي الذي تنسب إليه جبانة بشر. وفي «معجم البلدان»: «وأهل الكوفة يسمون المقابر جبانة كما يسميها أهل البصرة المقبرة».
(٤) السوية: العدل.
(٥) قديس: موضع بناحية القادسية. وفي «معجم البلدان»: «والمكر ضرير».
(٦) دلفنا: تقدمنا.
(٧) الوجوم: السكوت على غيظ. س: «فيها أجمعين».