ذكر خبر قس بن ساعدة ونسبه وقصته في هذا الشعر
  أسد والآخر من بني حنيفة، فلما مات أحدهما كان يشرب ويصبّ على قبره ويقول.
  /
  لا تصرد هامة من كأسها ... واسقه الخمر وإن كان قبر(١)
  كان حرّا فهوى فيمن هوى ... كلّ عود ذي شعوب ينكسر
  قال: ثم مات الآخر فكان يشرب عند قبريهما وينشد:
  خليليّ هبا طالما قد رقدتما .....
  الأبيات.
  قال: ثم قالت له كاهنة: إنّك لا تموت حتّى تنهشك حية في شجرة بوادي كذا وكذا. فورد ذلك الوادي في سفر له وسأل عنه فعرفه، وقد كان خطَّ في أصل شجرة(٢)، ومدّ(٣) رجله عليها، فنهشته حية فأنشأ يقول:
  خليليّ هذا حيث رمسي فعرّجا ... عليّ فإنّي نازل فمعرّس
  لبست رداء العيش أحوى أجّره ال ... عشيّات حتّى لم يكن فيه ملبس(٤)
  تركت خبائي حيث أرسى عماده ... عليّ، وهذا مرمسي حيث أرمس
  أحتفي الذي لا بدّ أنّك قاتلي ... هلمّ فما في غابر العيش منفس(٥)
  أبعد نديميّ اللذين بعاقل ... بكيتهما حولا مدى أتوجّس(٦)
(١) التصريد: قطع الشرب، أو تقليله. وعنى بالهامة هنا الميت. الضمير في «كأسها» للهامة، أو للخمر. ما عدا ط، أ، ها، مط، مب:
«لا يصرد».
(٢) أي خط له قبرا في هذا الموضع.
(٣) هذه الكلمة من ط، ها، مب.
(٤) أحوى، أي أسود الشعر حين الشباب. ما عدا ط، أ، ها: مب: «عشيات».
(٥) الغابر، هنا: الباقي. منفس، أي متسع ومهلة، يقال زدني نفسا في أجلي، أي طولا فيه، ولك في هذا الأمر نفسة، بالضم، أي مهلة.
(٦) ما عدا ط، ها، مب: «بكيتكما».