كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر خبر قس بن ساعدة ونسبه وقصته في هذا الشعر

صفحة 165 - الجزء 15

  أسد والآخر من بني حنيفة، فلما مات أحدهما كان يشرب ويصبّ على قبره ويقول.

  /

  لا تصرد هامة من كأسها ... واسقه الخمر وإن كان قبر⁣(⁣١)

  كان حرّا فهوى فيمن هوى ... كلّ عود ذي شعوب ينكسر

  قال: ثم مات الآخر فكان يشرب عند قبريهما وينشد:

  خليليّ هبا طالما قد رقدتما .....

  الأبيات.

  قال: ثم قالت له كاهنة: إنّك لا تموت حتّى تنهشك حية في شجرة بوادي كذا وكذا. فورد ذلك الوادي في سفر له وسأل عنه فعرفه، وقد كان خطَّ في أصل شجرة⁣(⁣٢)، ومدّ⁣(⁣٣) رجله عليها، فنهشته حية فأنشأ يقول:

  خليليّ هذا حيث رمسي فعرّجا ... عليّ فإنّي نازل فمعرّس

  لبست رداء العيش أحوى أجّره ال ... عشيّات حتّى لم يكن فيه ملبس⁣(⁣٤)

  تركت خبائي حيث أرسى عماده ... عليّ، وهذا مرمسي حيث أرمس

  أحتفي الذي لا بدّ أنّك قاتلي ... هلمّ فما في غابر العيش منفس⁣(⁣٥)

  أبعد نديميّ اللذين بعاقل ... بكيتهما حولا مدى أتوجّس⁣(⁣٦)


(١) التصريد: قطع الشرب، أو تقليله. وعنى بالهامة هنا الميت. الضمير في «كأسها» للهامة، أو للخمر. ما عدا ط، أ، ها، مط، مب:

«لا يصرد».

(٢) أي خط له قبرا في هذا الموضع.

(٣) هذه الكلمة من ط، ها، مب.

(٤) أحوى، أي أسود الشعر حين الشباب. ما عدا ط، أ، ها: مب: «عشيات».

(٥) الغابر، هنا: الباقي. منفس، أي متسع ومهلة، يقال زدني نفسا في أجلي، أي طولا فيه، ولك في هذا الأمر نفسة، بالضم، أي مهلة.

(٦) ما عدا ط، ها، مب: «بكيتكما».