كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر هاشم بن سليمان وبعض أخباره

صفحة 167 - الجزء 15

  وقد أخبرني بهذا الخبر الحسن بن علي قال حدّثنا ابن مهرويه قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، عن أبي توبة، عن محمد بن جبر، عن هاشم بن سليمان قال:

  أصبح موسى أمير المؤمنين يوما وعنده جماعة منّا، فقال: يا هاشم غنني:

  أبهار قد هيّجت لي أوجاعا

  فإن أصبت مرادي فيه فلك حاجة مقضيّة. فغنيته فقال: قد أصبت وأحسنت سل حاجتك. فقال: يا أمير المؤمنين تأمر أن يملأ هذا الكانون دراهم. قال: وبين يديه كانون عظيم، فأمر به فملئ فوسع ثلاثين ألف درهم، فلما حصّلتها قال: يا ناقص الهمّة، واللَّه لو سألتني أن أملأه دنانير لفعلت. فقلت: أقلني يا أمير المؤمنين.

  فقال: لا سبيل إلى ذلك فلم يسعدك الجدّ به.

  نسبة هذا الصوت

  أبهار قد هيّجت لي أوجاعا ... وتركتني عبدا لكم مطواعا

  بحديثك الحسن الذي لو كلَّمت ... وحش الفلاة به لجئن سراعا

  وإذا مررت على البهار منضّدا ... في السّوق هيّج لي إليك نزاعا⁣(⁣١)

  واللَّه لو علم البهار بأنّها ... أضحت سميّته لصار ذراعا

  الغناء لهاشم، ثاني ثقيل بالبنصر عن عمرو، وفيه ثقيل أول بالبنصر، ينسب إلى إبراهيم الموصلي، وإلى يحيى المكي، وإلى إسحاق.

  مجلس غناء

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز وإسماعيل بن يونس / قالا: حدّثنا عمر بن شبة قال حدّثني بعض أصحابنا قال:

  كنّا في منزل محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد اللَّه بن عباس، وكان عالما بالغناء والفقه جميعا، وقد كان يحيى بن أكثم وصفه للمأمون بالفقه، ووصفه أحمد بن يوسف بالعلم بالغناء فقال المأمون: ما أعجب ما اجتمع فيه: العلم بالفقه، والغناء! فكتبت إلى إسحاق بن إبراهيم الموصلي أن يتحوّل إلينا وكان في جوارنا، وعندنا يومئذ محمد بن أيوب بن جعفر بن سليمان، وذكاء وصغير غلاما أحمد بن يوسف الكاتب، فكتب إلينا إسحاق: جعلت فداءكم، قد أخذت دواء، فإذا خرجت منه حملت قدري وصرت إليكم. وكتب في أسفل كتابه:

  أنا شماطيط الذي حدّثت به ... متى أنبّه للغداء أنتبه

  ثم أدور حوله وأحتبه ... حتّى يقال شره ولست به

  ثم جاءنا ومعه بديح غلامه، فتغدّينا وشربنا، فغنّى ذكاء غلام أحمد بن يوسف:

  أبهار قد هيّجت لي أوجاعا

  فسأله إسحاق أن يعيده فأعاده مرارا، ثم قال له: ممّن أخذت هذا؟ فقال: من معاذ بن الطَّبيب. قال:


(١) النزاع: الشوق. نازع إلى أهله: اشتاق.