ذكر عمرو بن بانة
  صوت
  فما روضة بالحزن طيّبة الثرى ... يمجّ الندى جثجاثها وعرارها
  بأطيب من أردان عزّة موهنا ... وقد أوقدت بالمندل الرّطب نارها
  فإن خفيت كانت لعينيك قرّة ... وإن تبد يوما لم يعممّك عارها(١)
  من الخفرات البيض لم تر شقوة ... وفي الحسب المكنون صاف نجارها
  الشعر لكثيرّ، والغناء لمعبد في الأوّل والثاني، ولحنه من الثقيل الأوّل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق.
  وذكر عمرو بن بانة أنه لابن سريج. وللغريض في الرابع والثالث(٢) ثقيل أوّل بالبنصر عن عمرو وحبش.
  وذكر الهشامي أنّ في الأوّل والثاني رملا لابن سريج بالوسطى.
  ذكر عمرو وحبش أنّ فيه رملا لابن جامع بالبنصر.
  وفي الأبيات خفيف ثقيل يقال إنه لمعبد، ويقال إنه للغريض، وأحسبه للغريض.
  لقاء كثير لقطام صاحبة ابن ملجم وما جرى بينهما من هجاء
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا عمر بن شبة هكذا موقوفا لم يتجاوز. وأخبرني أنّ كثيّر بن عبد الرّحمن كان غاليا في التشيّع. وأخبر عن قطام صاحبة ابن ملجم في قدمة قدمها الكوفة فأراد الدخول عليها ليوبّخها، فقيل له: لا تردها فإن لها جوابا. فأبى وأتاها فوقف على بابها فقرعه فقالت: من هذا؟ فقال: كثيّر بن عبد الرّحمن الشاعر. فقالت لبنات عمّ لها: تنحيّن حتى يدخل الرجل. فولجن البيت وأذنت له، فدخل وتنحت من بين يديه، فرآها وقد ولَّت / فقال لها: أنت قطام؟ قالت: نعم. قال: صاحبة علي بن أبي طالب #؟
  قالت: صاحبة عبد الرّحمن بن ملجم. قال: أليس فيك قتل علي بن أبي طالب؟ قالت: بل مات بأجله. قال: أما واللَّه لقد كنت أحبّ أن أراك، فلما رأيتك نبت عيني عنك، فما احلوليت في خلدي. قالت: واللَّه إنّك لقصير القامة، عظيم الهامة، قبيح المنظر، وإنك لكما قال الأوّل: «تسمع بالمعبديّ خير من أن تراه»(٣). فقال:
  رأت رجلا أودى السّفار بوجهه ... فلم يبق إلا منظر وجناجن(٤)
  فإن أك معروق العظام فإنني ... إذا وزن الأقوام بالقوم وازن(٥)
  وإني لما استودعتني من أمانة ... إذا ضاعت الأسرار للسردافن
(١) ما عدا ط: «لم يعمك».
(٢) إلى هنا تنتهي نسخة ط.
(٣) المعيدي هذا هو شقة بن ضمرة بن جابر، رآه المنذر بن ماء السماء وكان يعجبه ما يبلغه عنه، فلما رآه حقره وأرسل فيه هذا المثل، فقال له شقة: أبيت اللعن وأسعد إلهك، إن القوم ليسوا بجزر - يعني الشاء - إنما يعيش الرجل بأصغريه: لسانه وقلبه. فأعجب المنذر كلامه وسره ما رأى منه. انظر «مجمع الأمثال للميداني».
(٤) السفار: السفر. والجناجن: جمع جنجن، وهي عظام الصدر. وفي «البيان» (١: ٢٢٧): «فلم يبق إلا منطق».
(٥) معروق العظام، أي نحيلا.