كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر آدم بن عبد العزيز وأخباره

صفحة 197 - الجزء 15

  خطب أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم، بنت عبد اللَّه بن حنظلة بن أبي عامر، إلى أخيها معمر بن عبد اللَّه، فزوّجه إياها، فقال الأحوص أبياتا وقال لفتى من بني عمرو بن عوف: أنشدها معمر بن عبد اللَّه في مجلسه ولك هذه الجبّة. فقال الفتى: نعم. فجاءه وهو في مجلسه فقال:

  يا معمر يا ابن زيد حين تنكحها ... وتستبدّ بأمر الغيّ والرشد

  فقال: كان ذلك الرجل غائبا. فقال الفتى:

  أما تذكَّرت صيفيّا فتحفظه ... أو عاصما أو قتيل الشّعب من أحد

  / قال: ما فعلت ولا تذكَّرت. فقال الفتى:

  أكنت تجهل حزما حين تنكحها ... أم خفت، لا زلت فيها جائع الكبد

  قال معمر: لم أجهل حزما. فقال الفتى:

  أبعد صهر بني الخطَّاب تجعلهم ... صهرا وبعد بني العوّام من أسد

  فقال معمر: قد كان ذلك. فقال الفتى:

  هبها سليلة خيل غير مقرفة ... مظلومة حبست للعير في الجدد⁣(⁣١)

  قال: نعم أعانها اللَّه وصبّرها. فقال الفتى:

  فكلّ ما نالنا من عار منكحها ... شوى إذا فارقته وهي لم تلد

  قال: نعم إلى اللَّه ø في ذلك الرغبة.

  قال الزبير: أمّا قوله «صهر بني الخطاب» فإنّ جميلة بنت أبي الأقلح كانت عند عمر بن الخطاب، فولدت له عاصم بن عمرو. وأمّا «صهر بني العوام» فإنّ نهيسة بنت النعمان بن عبد اللَّه بن أبي عقبة، كانت عند يحيى بن حمزة بن عبد اللَّه بن الزبير، فولدت له أبا بكر ومحمدا.

  كراهية أم جعفر لأصوات من الغناء القديم ومن بينها شعر للأحوص

  أخبرني الحرمي بن أبي العلاء، قال: حدّثنا الزبير قال: حدّثني مصعب قال: قال الهدير: كرهت أمّ جعفر أصواتا من الغناء القديم، فأرسلت لها رسولا يلقيها في البحر، ثم غنتها جارية بعد ذلك:

  سلام اللَّه يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام

  / فقالت: هذا أرسلوا به رسولا مفردا إلى دهلك⁣(⁣٢) ليلقيه في البحر خاصّة. قال: والذي حمل أمّ جعفر على هذا التطير على ابنها محمد بن الأمين من هذه الأصوات، أيام محاربته المأمون فمنها قوله:


(١) المقرف: ما يداني الهجنة، أي أمه عربية لا أبوه، لأن الإقراف من قبل الفحل، والهجنة من الكلام ما يعيبك. ابن منظور. «لسان العرب» (١٥/ ٤٢) مادة (هجن) طبعة دار إحياء التراث العربي.

(٢) دهلك: جزيرة بين اليمن والحبشة ضيقة حارة، كان بنو أميّة إذا سخطوا على أحد نفوه إليها.