ذكر متمم وأخباره وخبر مالك ومقتله
  كان مالك طويل الشعر
  حدّثنا محمد بن إسحاق قال: كتب إلى السري عن شعيب عن سيف عن خزيمة(١) عن عثمان عن سويد(٢) قال:
  كان مالك من أكثر الناس شعرا، وإنّ أهل العسكر أثّفوا القدور بروءسهم(٣)، فما منها رأس إلا وصلت النار إلى بشرته، ما خلا مالكا فإنّ القدر نضجت وما نضج رأسه من كثرة شعره، ووقى الشعر البشرة من حرّ النار أن تبلغ منه ذلك.
  / قال: وأنشد متمم عمر بن الخطاب، ذكر خمصه - يعني قوله:
  لقد كفن المنهال تحت ردائه ... فتى غير مبطان العشيّات أروعا
  فقال: أكذاك كان يا متمم؟ قال: أمّا ما أعني فنعم.
  أخبرني اليزيديّ قال حدّثنا الزبير قال حدّثني محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب. وحدّثنيه أحمد بن الجعد قال: حدّثنا محمد بن إسحاق المسيّبي قال: حدّثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب:
  أنّ مالك بن نويرة كان من أكثر الناس شعرا، وأن خالدا لما قتله أمر برأسه فجعل أثفيّة لقدر، فنضج ما فيها قبل أن تبلغ النار إلى شواته.
  خطأ خالد بن الوليد في قتله
  أخبرني محمد بن جرير قال: حدّثنا محمد بن حميد قال حدّثنا سلمة(٤) عن ابن إسحاق، عن طلحة بن عبيد اللَّه بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصدّيق ¥.
  أن أبا بكر كان من عهده إلى جيوشه: أن إذا غشيتم دارا من دور الناس فسمعتم فيها أذانا للصلاة فأمسكوا عن أهلها حتّى تسألوهم ماذا نقموا، وإذا لم تسمعوا أذانا فشنّوا الغارة واقتلوا(٥) وحرّقوا. فكان ممن(٦) شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة الأنصاري، واسمه الحارث بن ربعيّ أخو بني سلمة، وقد كان عاهد اللَّه أنّه لا يشهد حربا بعدها أبدا. وكان يحدّث أنّهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل، فأخذ القوم السلاح. قال: فقلنا لهم: [إنا المسلمون.
  فقالوا: ونحن المسلمون. / قلنا](٧): فما بال السلاح معكم؟ فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح. ففعلوا ثم صلينا وصلَّوا. وكان خالد يعتذر في قتله أنّه قال له وهو يراجعه: ما إخال صاحبكم - يعني النبيّ ﷺ - إلا وقد كان
(١) هو خزيمة بن شجرة. انظر ما مضى في ص ٣٠٠ وفي الأصول ما عدا مب: «عن سيف بن جذيمة»، صوابه من مب والطبري.
(٢) هذا ما في الطبري. وفي الأصول: «عن عثمان بن سويد».
(٣) أثف القدر تأثيفا: وضعها على الأثافي. وفي معظم الأصول: «اتقوا»، صوابه من مب والطبري.
(٤) هو مسلمة بن الفضل، ذكر في ترجمته من «تهذيب التهذيب» أنه روى عن محمد بن إسحاق، وكذا ورد في ترجمة محمد بن إسحاق أن سلمة بن الفضل روى عنه. فيّ معظم الأصول: «مسلمة»، والوجه ما أثبت من مب والطبري.
(٥) في الأصول ما عدا ها، مب: «فاقتتلوا»، وفي الطبري: «فقتلوا».
(٦) في معظم الأصول: «من»، وأثبت ما في الطبري، وها، مب.
(٧) التكملة من ها ومب والطبري.