كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر متمم وأخباره وخبر مالك ومقتله

صفحة 203 - الجزء 15

  يقول كذا وكذا. فقال خالد: أو ما تعدّه صاحبا؟! ثم قدّمه فضرب عنقه وأعناق أصحابه، فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطَّاب تكلَّم فيه عند أبي بكر ¥، وقال: عدوّ اللَّه عدا على امرئ مسلم فقتله، ثم نزا على امرأته.

  وأقبل خالد بن الوليد قافلا حتّى دخل المسجد وعليه قباء له، وعليه صدأ الحديد، معتجرا بعمامة قد غرز فيها اسمها، فلما أن دخل المسجد قام إليه عمر فانتزع الأسهم⁣(⁣١) من رأسه فحطَّمها ثم قال: أقتلت أمرأ مسلما ثم نزوت على امرأته، واللَّه لأرجمنّك بأحجارك⁣(⁣٢)! ولا يكلَّمه خالد بن الوليد ولا يظنّ إلَّا أن رأى أبي بكر على مثل رأي عمر فيه، حتّى دخل على أبي بكر فأخبره الخبر واعتذر إليه، فعذره أبو بكر وتجاوز له عمّا كان في حربه تلك.

  فخرج خالد حين رضي عنه أبو بكر، وعمر جالس في المسجد الحرام، فقال: هلمّ إليّ يا ابن أم شملة⁣(⁣٣). فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه، فلم يكلَّمه ودخل بيته. وكان الذي قتل مالك بن نويرة عبد [بن]⁣(⁣٤) الأزور الأسديّ.

  ضرار قاتل مالك.

  وقال محمد بن جرير: / قال ابن الكلبي: الذي قتل مالك بن نويرة ضرار بن الأزور.

  حجج المختلفين في عذر خالد

  وهكذا روى أبو زيد عمر بن شبّة⁣(⁣٥) عن أصحابه، وأبو خليفة عن محمد بن سلام⁣(⁣٦) قال:

  قدم مالك بن نويرة على النبي فيمن قدم من أمثاله من العرب، فولَّاه صدقات قومه بني يربوع، فلما مات النبيّ اضطرب فيها فلم يحمد أمره، وفرّق ما في يده من إبل الصدقة، فكلَّمه الأقرع بن حابس المجاشعيّ، والقعقاع بن معبد بن زرارة⁣(⁣٧) الدارميّ فقالا له: إنّ لهذا الأمر قائما وطالبا، فلا تعجل بتفرقة ما في يدك. فقال:

  أراني اللَّه بالنّعم المندّى ... ببرقة رحرحان وقد أراني⁣(⁣٨)

  تمشّى يا بن عوذة في تميم ... وصاحبك الأقيرع تلحياني

  حميت جميعها بالسّيف صلتا ... ولم ترعش يداي ولا بناني

  يعني أمّ القعقاع، وهي معاذة بنت ضرار بن عمرو. وقال أيضا:

  وقلت خذوا أموالكم غير خائف ... ولا ناظر فيما يجيء من الغد⁣(⁣٩)

  فإن قام بالأمر المخوّف قائم ... منعنا وقلنا الدين دين محمّد


(١) في معظم الأصول: «السهم»، والوجه ما أثبت من ها، مب الطبري.

(٢) هذا الصواب من أ، م والطبري. وفي ح: «بأحجاره» وفي س: «بأحجار».

(٣) ح، أ، مب: «سلمة» وفي سائر النسخ «مسلمة» وأثبت ما في الطبري.

(٤) التكملة من الطبري. وترجمة عبد بن الأزور في «الإصابة» ٥٢٦٢، وهو أخو ضرار.

(٥) أبو زيد: كنية عمر بن شبة. وفي الأصول اما عدا ح، مب: «أبو زيد بن عمر بن شبة». وكلمة «عن» مقحمة.

(٦) «طبقات الشعراء» لابن سلام ٧٩ - ٨٢.

(٧) في الأصول ما عدا «ها» مب: «زياد» صوابه في ها و «الطبقات».

(٨) النعم: الإبل. وتنديتها: أن يوردها فتشرب قليلا ثم يجئ بها ترعى ثم يردّها إلى الماء. «الخزانة» (١: ٢٣٦)، وفي «الخزانة» سنة أبيات.

(٩) البيتان في «الإصابة» أيضا ٧٦٩٠.