كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر متمم وأخباره وخبر مالك ومقتله

صفحة 205 - الجزء 15

  تكفين المنهال لمالك

  أخبرني اليزيدي قال: حدّثنا أحمد بن زهير، عن الزبير بن حبيب بن بدر الطائي وغيره: أن المنهال: رجلا من بني يربوع، مرّ على أشلاء مالك بن / نويرة لما قتله خالد، فأخذ ثوبا وكفّنه فيه ودفنه، ففيه يقول متمم:

  صوت

  لعمري وما دهري بتأبين مالك ... ولا جزع مما أصاب فأوجعا⁣(⁣١)

  لقد كفّن المنهال تحت ردائه ... فتى غير مبطان العشيات أروعا

  غنّاه عمرو بن أبي الكنّات، ثقيل أوّل بالوسطى عن حبش.

  متمم ينشد عمر رثاءه لأخيه مالك

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار، قال: حدّثنا الحسن بن محمد البصري، قال: حدّثنا الحسن بن إسماعيل القضاعي قال حدّثني أحمد بن عمار العبدي⁣(⁣٢)، وكان من العلم بموضع قال: حدّثني أبي عن جدي قال:

  صلَّيت مع عمر بن الخطاب الصبح، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل قصير أعور متنكبا قوسا⁣(⁣٣)، وبيده هراوة، فقال: من هذا؟ فقال: متمم بن نويرة. فاستنشده قوله في أخيه، فأنشده:

  لعمري وما دهري بتأبين مالك ... ولا جزع مما أصاب فأوجعا

  لقد كفّن المنهال تحت ثيابه ... فتى غير مبطان العشيات أروعا

  حتّى بلغ إلى قوله:

  وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتّى قيل لن يتصدّعا⁣(⁣٤)

  فلما تفرّقنا كأنّي ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

  فقال عمر: هذا واللَّه التأبين، ولوددت أنّي أحسن الشّعر فأرثى أخي زيدا بمثل ما رثيت به أخاك. فقال متمم:

  لو أنّ أخي مات على ما مات عليه أخوك ما رثيته - وكان قتل باليمامة شهيدا، وأمير الجيش خالد بن الوليد - فقال عمر: ما عزّاني أحد عن أخي بمثل ما عزّاني به متمم.

  قال: وكان عمر يقول: ما هبت الصّبا من نحو اليمامة إلَّا خيّل إليّ أنّى أشم ريح أخي زيد⁣(⁣٥).


(١) ها: «بتأبين هالك» ما دهري كذا، وما دهري بكذا، أي ما هو همي وإرادتي. التأبين: مدح الميت. جزع بالخفض عطف على تأبين للفظه، وبالنصب عليه لمحله على أن الباء زائدة.

(٢) كذا في ط. ها، مب: «محمد بن عمران العبدي» سائر النسخ «أحمد بن عمران العبدي».

(٣) ها: «متنكب قوسه».

(٤) لن يتصدعا: لن يتفرقا.

(٥) الخبر في «الكامل» وابن سلام وابن قتيبة في «الشعراء» ٢٩٧ برواية أخرى.