كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر متمم وأخباره وخبر مالك ومقتله

صفحة 206 - الجزء 15

  جزع متمم لمقتل أخيه

  قال: وقيل لمتمم: ما بلغ من وجدك على أخيك؟ فقال أصبت بإحدى عينيّ فما قطرت منها دمعة عشرين سنة، فلما قتل أخي استهلَّت فما ترقأ⁣(⁣١).

  عائشة تتمثل بشعر متمم

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدّثنا عبد اللَّه بن لاحق، عن ابن أبي مليكة قال:

  مات عبد الرّحمن بن أبي بكر بالحبشيّ خارج مكة⁣(⁣٢)، فحمل فدفن بمكة، فقدمت عائشة فوقفت على قبره وقالت متمثلة:

  وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتّى قيل لن يتصدّعا

  فلما تفرّقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

  أما واللَّه لو حضرتك لدفنت حيث متّ، ولو شهدتك ما زرتك.

  متمم يصف نفسه وأخاه

  أخبرني إبراهيم بن أيوب قال حدّثنا عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة:

  أنّ متمم بن نويرة دخل على عمر بن الخطاب فقال له عمر: ما أرى في أصحابك مثلك. فقال: يا أمير المؤمنين أما واللَّه إنّي مع ذلك لأركب الجمل الثّفال، وأعتقل الرّمح الشّطون⁣(⁣٣)، وألبس الشّملة الفلوت. ولقد أسرتني بنو تغلب في الجاهلية فبلغ ذلك أخي مالكا فجاء ليفديني منهم⁣(⁣٤)، فلما رآه القوم أعجبهم جماله، وحدّثهم فأعجبهم حديثه، فأطلقوني له بغير فداء.

  إنقاذ مالك لأخيه متمم

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثني / النوقلي عن أبيه وأهله قالوا:

  لما أنشد متمم بن نويرة عمر بن الخطاب قوله يرثى أخاه مالكا:

  وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتّى قيل لن يتصدعا

  فلمّا تفرقنا كأنّي ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

  قال له عمر: هل كان مالك يحبّك مثل محبّتك إياه، أم هل كان مثلك؟ فقال: وأين أنا من مالك، وهل أبلغ


(١) الخبر برواية أخرى عند ابن سلام.

(٢) حبشي، بالضم: جبل بأسفل مكة بنعمان الأراك. والخبر عند ياقوت في رسمه هذا. ها، مب «جبل بمكة».

(٣) في معظم الأصول: «المثلوب» ولا وجه له، وفي ها، مب: «الشطوب». وأثبت ما في «الشعر والشعراء». والشطون: الطويل الأعوج. وقد تكون «المثلوث» ولكني لم أجدها في «المعاجم». وفي «المعاجم» أن المربوع والمخوس من الرماح: ما طوله أربع وخمس أذرع.

(٤) ها: «لينقذني منهم».