أخبار الحزين ونسبه
  ثم المواسم قد أوطنتها زمنا ... وحيث تحلق عند الجمرة اللَّمم
  قالوا دمشق ينبّيك الخبير بها ... ثم ائت مصر فثمّ النائل الغمم
  لمّا وقفت عليها في الجموع ضحى ... وقد تعرّضت الحجّاب والخدم
  / حيّيته بسلام وهو مرتفق ... وضجّة القوم عند الباب تزدحم
  في كفّه خيزران ريحها عبق ... من كفّ أروع، في عرنينه شمم
  يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلَّم إلَّا حين يبتسم
  ترى رؤس بني مروان خاضعة ... يمشون حول ركابيه وما ظلموا
  إن هشّ هشّوا له واستبشروا جذلا ... وإن هم آنسوا إعراضه وجموا(١)
  كلتا يديه ربيع عند ذي خلف ... بحر يفيض وهادي عارض هزم(٢)
  ومن الناس من يقول: إن الحزين قالها في عبد العزيز بن مروان، لذكره دمشق ومصر. وقد كان ثمّ عبد اللَّه بن عبد الملك أيضا في مصر، والحزين بها.
  وفود الحزين على عبد اللَّه بن عبد الملك وإهداؤه غلاما له
  أخبرني الحرمي قال: حدّثنا الزبير قال حدّثني محمد بن يحيى أبو غسان عن عبد العزيز بن عمران(٣) الزهري قال:
  وفد الحزين على عبد اللَّه بن عبد الملك، وفي الرقيق أخوان، فقال عبد اللَّه للحزين: أيّ الرقيق أعجب إليك؟
  قال: ليختر لي الأمير. قال عبد اللَّه: قد رضيت لك هذا - لأحدهما - فإنّي رأيته حسن الصلاح. قال الحزين: لا حاجة لي به فأعطني أخاه. فأعطاه إياه. قال: والغلامان مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، وتميم أبو محمد بن تميم، وهو الذي اختاره الحزين. قال: فقال في عبد اللَّه يمدحه:
  اللَّه يعلم أن قد حيّيت ذا يمن(٤)
  وذكر القصيدة بطولها على هذا السبيل.
  خبر الحزين مع صفوان الطائف
  أخبرني وكيع عن محمد بن علي بن حمزة العلوي قال: حدّثنا أبو غسان دماذ، عن أبي عبيدة قال:
  كان على المدينة طائف يقال له صفوان، مولى لآل مخرمة بن نوفل، فجاء الحزين الدّيلي إلى شيخ من أهل المدينة فاستعاره حماره(٥) وذهب إلى العقيق فشرب، وأقبل على الحمار وقد سكر، فجاء به الحمار حتّى وقف به
(١) ح، أ، م: «إن يمشي يمشوا» تحريف.
(٢) ح: «عند ذي خلق». الهادي: المقدّم. والعارض: السحا يعترض الأفق. والهزم: المتبعق الذي لا يستمسك.
(٣) عبد العزيز بن عمران الزهري، ترجم له في «تهذيب التهذيب»، وذكر ممن روى عنه أبا غسان محمد بن يحيى الكناني، م، أ: «بن عمران أن الزهري» وفي سائر النسخ: «بن عمر أن الزهري» والوجه ما أثبت.
(٤) ب، س: «أن قد جبت».
(٥) يقال استعاره ثوبا فأعاره إياه، يتعدى إلى اثنين. مب، ها: «فاستعار». ح: «فاستعاذه» وهذا تحريف.