أخبار الحزين ونسبه
  على باب المسجد / كما كان صاحبه عوّده إياه، فمرّ به صفوان فأخذه فحبسه وحبس الحمار، فأصبح والحمار محبوس معه. فأنشأ يقول:
  أيا أهل المدينة خبّروني ... بأيّ جريرة حبس الحمار
  فما للعير من جرم إليكم ... وما بالعير إن ظلم انتصار
  فردّوا الحمار على صاحبه، وضربوا الحزين الحدّ، فأقبل إلى مولى صفوان وهو في المسجد فقال:
  نشدتك بالبيت الذي طيف حوله ... وزمزم والبيت الحرام المحجّب
  لزانية صفوان أم لعفيفة ... لأعلم ما آتى وما أتجنّب(١)
  فقال مولاه: هو لزانية. فخرج وهو ينادي: إنّ صفوان ابن الزانية! فتعلَّق به صفوان فقال: هذا مولاك يشهد أنك ابن زانية. فخلَّى عنه.
  نصيحته لابن عم في عدم زواجه له من امرأة وما قال في ذلك
  وقال محمد بن علي بن حمزة: وأخبرني الرياشي أنّ ابن عمّ للحزين استشاره في امرأة يتزوّجها، فقال له: إن لها إخوة مشائيم وقد ردّوا عنها غير واحد، وأخشى أن يردّوك فتطلق عليك ألسنا كانت عنك خرسا. فخطبها ولم يقبل منه فردّوه، فقال الحزين:
  /
  نهيتك عن أمر فلم تقبل النّهى ... وحذّرتك اليوم الغواة الأشائما(٢)
  فصرت إلى ما لم أكن منه آمنا ... وأشمتّ أعدائي وأنطقت لائما
  وما بهم من رغبة عنك قل لهم ... فإن تسألوني تسألوا بي عالما(٣)
  شعره في هجاء سهيل بن عبد الرّحمن ومديح سفيان بن عاصم
  وأخبرني عيسى بن الحسن قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ قال: حدّثني عمر بن سلام مولى عمر بن الجعّاب(٥):
  أنّ الحزين الديلي خرج مع ابن لسهيل بن عبد الرّحمن بن عوف، إلى منتزه لهم، فسكر الحزين وانصرف، فبات في الطريق وسلب ثيابه، فأرسل إلى سهيل يخبره الخبر ويستمنحه فلم يمنحه، وبلغ الخبر سفيان بن عاصم بن عبد العزيز بن مروان فأرسل إليه بجميع ما يحتاج إليه، وعوّضه ثمن ثيابه، فقال الحزين في ذلك:
  هلَّا سهيلا أشبهت أو بعض أعما ... مك يا ذا الخلائق الشكسه(٦)
(١) في البيت إقواء.
(٢) النهي: جمع نهية، بالضم، وهي اسم من النهي.
(٣) في بعض الأصول: «تسألوني عالما».
(٤) ب، س: «الساعي» مب: «السامي».
(٥) مب، ها: «مولى عمر بن الخطاب».
(٦) ما، في هذا زائدة.