أخبار الحزين ونسبه
  ضيّعت ندمانك الكريم ولم تش ... - فق عليه من ليلة نحسه
  ثم تعاللت إذ أتاك له ... صبحا رسول بعلَّة طفسه(١)
  لكنّ سفيان لم يكن وكلا ... لمّا أتتنا صلاته سلسه(٢)
  سما به أروع ونفس فتى ... أروع ليست كنفسك الدنسة
  هجاؤه لبني كعب حين ضحكوا عليه
  حدّثنا الصولي قال: حدّثنا ثعلب قال حدّثني عبد اللَّه بن شبيب قال:
  مرّ الحزين الدّيلي على مجلس لبني كعب بن خزاعة وهو سكران، فضحكوا عليه، فوقف عليهم وقال:
  لا بارك اللَّه في كعب ومجلسهم ... ماذا تجمّع من لؤم ومن ضرع(٣)
  لا يدرسون كتاب اللَّه بينهم ... ولا يصومون من حرص على الشبع
  فوثب إليه مشايخهم فاعتذروا منه، وسألوه الكفّ وأن لا يزيد شيئا على ما قاله، فأجابهم وانصرف.
  الحزين يضرب على كل قرشي درهمين ويأبى إلا أن يهجو كثيرا
  أخبرني الحرمي قال: حدّثنا الزبير قال: حدّثنا عمرو(٤) بن أبي بكر المؤمّلي قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي عبيدة قال:
  كان الحزين قد ضرب على كلّ رجل من قريش / درهمين درهمين في كلّ شهر، منهم ابن أبي عتيق، فجاءه لأخذ درهميه وهو على حمار أعجف، قال: وكثيّر مع ابن أبي عتيق، فدعا ابن أبي عتيق للحزين بدرهمين فقال له الحزين: من هذا معك؟ قال: هذا أبو صخر كثير بن أبي جمعة. قال: وكان قصيرا دميما، فقال له الحزين: أتأذن لي أن أهجوه ببيت؟ قال: لا لعمري لا آذن لك أن تهجو جليسي، ولكن أشتري عرضه منك بدرهمين آخرين. ودعا له بهما، فأصغى ثم قال: لا بدّ لي من هجائه ببيت. قال: أو أشتري ذلك منك بدرهمين آخرين؟ ودعا له بهما فأخذهما وقال: ما أنا بتاركه حتّى أهجوه. قال: أو أشتري ذلك منك بدرهمين آخرين؟ فقال له كثير: ائذن له، وما عسى أن يقول فيّ؟! فأذن له ابن أبي عتيق فقال:
  /
  قصير القميص فاحش عند بيته ... يعضّ القراد باسته وهو قائم
  شجاره مع كثير
  فوثب كثيّر إليه فوكزه(٥) فسقط هو والحمار، وخلص ابن أبي عتيق بينهما وقال لكثير: قبحك اللَّه أتأذن له وتبسط إليه يدك. قال كثيّر: وأنا ظننته يبلغ في هذا كلَّه في بيت واحد!.
  ولكثير مع الحزين أخبار أخر قد ذكرت في أخبار كثيّر.
(١) الطفسة: القذرة.
(٢) الوكل، بالتحريك: الضعيف العاجز الذي يتكل على غيره.
(٣) الضرع: الذل والمهانة.
(٤) ح، مب، ها: «عمر».
(٥) وكزه: دفعه وضربه. مب، ها، ف: «فلكزه». ح، أ، م: «فذكره»، وهذه محرفة.