نسب لبيد وأخباره
  الشعر الذي أرسل به إلى النعمان
  فرفع النعمان يده من الطعام وقال: خبّثت واللَّه عليّ طعامي يا غلام؛ وما رأيت كاليوم. فأقبل الربيع على النعمان فقال: كذب واللَّه ابن الفاعلة(١)، ولقد فعلت بأمّه كذا وكذا. فقال له لبيد: مثلك فعل ذلك بربيبة أهله والقريبة من أهله، وإن أمي من نساء لم يكنّ فواعل ما ذكرت. وقضى النعمان حوائج الجعفريّين، ومضى من وقته وصرفهم، ومضى الربيع بن زياد إلى منزله من وقته، فبعث إليه النعمان بضعف ما كان يحبوه، وأمره بالانصراف إلى أهله، فكتب إليه الربيع: إنّي قد عرفت أنّه قد وقع في صدرك ما قال لبيد، وإنّي لست بارحا حتّى تبعث إليّ من يجرّدني فيعلم من حضرك من الناس أنّي لست كما قال لبيد. فأرسل إليه: إنّك لست صانعا بانتفائك مما قال لبيد شيئا، ولا قادرا على ردّ ما زلَّت به الألسن، فالحق بأهلك. فلحق بأهله ثم أرسل إلى النعمان بأبيات شعر قالها، وهي:
  لئن رحلت جمال لا إلى سعة ... ما مثلها سعة عرضا ولا طولا
  بحيث لو وردت لخم بأجمعها ... لم يعدلوا ريشة من ريش سمويلا(٢)
  / ترعى الروائم أحرار البقول بها ... لا مثل رعيكم ملحا وغسويلا(٣)
  فاثبت بأرضك بعدي واخل متكئا ... مع النّطاسيّ طورا وابن توفيلا
  إجابة النعمان له بالشعر
  فأجابه النعمان بقوله:
  /
  شرّد برحلك عنّي حيث شئت ولا ... تكثر عليّ ودع عنك الأباطيلا
  فقد ذكرت بشيء لست ناسيه ... ما جاورت مصر أهل الشّام والنّيلا
  فما انتفاؤك منه بعد ما جزعت ... هوج المطيّ به نحو ابن سمويلا(٤)
  قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا ... فما اعتذارك من قول إذا قيلا
  فالحق بحيث رأيت الأرض واسعة ... فانشر بها الطَّرف إن عرضا وإن طولا
  شعره في هجاء الربيع بن زياد
  قال: وقال لبيد يهجو الربيع بن زياد - ويزعمون أنها مصنوعة. قال:
  ربيع لا يسقك نحوي سائق ... فتطلب الأذحال والحقائق(٥)
(١) م، أ، ح، مب، ها، ف: «ابن الحمق».
(٢) في «اللسان» (سمل): «سمويل: طائر. وقيل بلدة كثيرة الطير».
(٣) الروائم: التي ترأم أولادها: تعطف عليها. في معظم الأصول: «حراز البقول» والصواب ما أثبت من ف. وأحرار البقول: ما رق منها ورطب، وذكورها: ما غلظ وخشن. والغسويل بفتح العين المعجمة: نبت ينبت في السباخ. في الأصول ما عدا مب، ها، ف: «عسويلا»، تصحيف.
(٤) جزعت: قطعت. م: «ابن شمويلا». ف: «عيرا شماليلا».
(٥) الأذحال: جمع ذحل، وهو الثأر. في معظم الأصول: «الادخال» تصحيف، صوابه في مب وها و «الديوان» ٩.