نسب لبيد وأخباره
  ويعلم المعيا به والسّابق(١) ... ما أنت إن ضمّ عليك المآزق(٢)
  إلَّا كشيء عاقه العوائق ... إنّك حاس حسوة فذائق
  لا بدّ أن يغمز منك العاتق(٣) ... غمزا ترى أنك منه ذارق(٤)
  إنّك شيخ خائن منافق ... بالمخزيات ظاهر مطابق
  كان يخفي بعض شعره ثم أظهره
  وكان لبيد يقول الشعر ويقول: لا تظهروه، حتى قال:
  عفت الدّيار محلَّها فمقامها
  وذكر ما صنع الربيع بن زياد، وضمرة بن ضمرة(٥). ومن حضرهم من وجوه الناس، فقال لهم لبيد حينئذ:
  أظهروها.
  قال الأصمعي في تفسير قوله: الخيضعة، أصله الخضعة بغير ياء، يعني الجلبة والأصوات، فزاد فيها الياء.
  وقال في قوله «بالمخزيات ظاهر مطابق»: يقال طابق الدابة، إذا وضع يديه ثم رفعهما فوضع مكانهما رجليه، وكذلك إذا كان يطأ في شوك. والمأزق: المضيق. والنازق: الخفيف.
  سؤال الوليد له عما كان بينه وبين الربيع
  نسخت من كتاب مرويّ عن أبي الحكم قال: حدثني العلاء بن عبد اللَّه الموقّع قال:
  اجتمع عند الوليد بن عقبة سمّاره وهو أمير الكوفة وفيهم لبيد، فسأل لبيدا عما كان بينه وبين الربيع بن زياد عند النّعمان، فقال له لبيد: هذا كان من أمر الجاهلية وقد جاء اللَّه بالإسلام. فقال له: عزمت عليك - وكانوا يرون لعزمة الأمير حقّا - فجعل يحدّثهم، فحسده رجل من غنيّ فقال: ما علمنا بهذا. قال: أجل يا ابن أخي، لم يدرك أبوك مثل ذلك، وكان أبوك ممّن لم يشهد تلك المشاهد فيحدّثك.
  لم يسمع منه فخر في الإسلام غير يوم واحد
  أخبرني عمي قال حدّثنا الكراني قال حدّثني العمريّ قال: حدثني الهيثم عن ابن عياش عن محمد بن المنتشر قال:
  / لم يسمع من لبيد فخره في الإسلام غير يوم واحد، فإنّه كان في رحبة غنيّ مستلقيا على ظهره قد سجّى نفسه بثوبه، إذ أقبل شابّ من غنيّ فقال: قبح اللَّه طفيلا حيث يقول:
  جزى اللَّه عنّا جعفرا حيث أشرفت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلَّت
(١) في معظم الأصول: «المعنى»، صوابه من مب، ها و «الديوان».
(٢) ما عدا ح، مب، ها، ف و «الديوان»: «إليك المآزق» تحريف.
(٣) العاتق: ما بين المنكب والعنق. وفي معظم الأصول: «العائق» وفي مب، ها «الفائق».
(٤) ذارق، من قولهم ذرق يذرق: خذق بسلحه. أ، م، ح: «ذائق»، وأثبت ما في «الديوان»، مب، ها، ف.
(٥) في معظم الأصول: «حمزة بن ضمرة»، تحريف صوابه في مب، ها، ف، وانظر «الاشتقاق» ١٤٩ و «البيان» (١: ١٧١).