كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب لبيد وأخباره

صفحة 246 - الجزء 15

  أبوا أن يملَّونا ولو أنّ أمنّا ... تلاقي الذي يلقون منّا لملَّت

  فذو المال موفور وكل معصّب ... إلى حجرات أدفأت وأظلَّت⁣(⁣١)

  وقالت هلمّوا الدار حتّى تبيّنوا ... وتنجلي الغمّاء عمّا تجلَّت⁣(⁣٢)

  ليت شعري ما الذي رأى من بني جعفر حيث يقول هذا فيهم؟ قال: فكشف لبيد الثّوب عن وجهه وقال: يا ابن أخي، إنّك أدركت الناس وقد جعلت لهم شرطة يرعون⁣(⁣٣) بعضهم / عن بعض، ودار رزق تخرج الخادم بجرابها فتأتي برزق أهلها، وبيت مال يأخذون منه أعطيتهم، ولو أدركت طفيلا يوم يقول هذا لم تلمه. ثم استلقى وهو يقول: أستغفر اللَّه. فلم يزل يقول: أستغفر اللَّه؛ حتى قام.

  سؤال بني نهد له عن أشعر العرب

  أخبرني إسماعيل بن يونس قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثنا محمد بن حكيم، عن خالد بن سعيد قال:

  قال مرّ لبيد بالكوفة على مجلس بني نهد⁣(⁣٤) وهو يتوكأ على محجن له فبعثوا إليه رسولا يسأله عن أشعر العرب، فسأله فقال: الملك الضّليل ذو القروح. فرجع / فأخبرهم فقالوا: هذا امرؤ القيس. ثم رجع إليه فسأله:

  ثم من؟ فقال له: الغلام المقتول من بني بكر. فرجع فأخبرهم فقالوا: هذا طرفة. ثم رجع فسأله ثم من؟ فقال: ثم صاحب المحجن، يعني نفسه.

  لم يقل في الإسلام إلا بيتا واحدا

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبة قال: حدثني أبو عبيدة قال:

  لم يقل لبيد في الإسلام إلَّا بيتا واحدا، وهو:

  الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتّى لبست من الإسلام سربالا⁣(⁣٥)

  كتاب عمر إلى المغيرة أن يستنشد من قبله من الشعراء

  أخبرني أحمد قال: أخبرني عمي قال: حدثني محمد بن عباد بن حبيب المهلَّبي قال: حدثنا نصر بن دأب عن داود بن أبي هند عن الشّعبي قال:

  كتب عمر بن الخطاب ¥ إلى المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة: أن استنشد من قبلك من شعراء مصرك ما قالوا في الإسلام. فأرسل إلى الأغلب الراجز العجليّ، فقال له: أنشدني. فقال:


(١) المعصب، بكسر الصاد المشدّدة كما في «القاموس»: من يعصب بطنه بالخرق من الجوع. في معظم الأصول: «مصعب» تحريف صوابه في مب، ها. وانظر «مجالس ثعلب» ٤٦١ و «ديوان طفيل» ٥٧.

(٢) في معظم الأصول: «العمياء» مب، ها: «العوراء» والصواب من ف.

(٣) الكلمة محرفة في الأصل. فهي في م، ح، ها، ف: «يرعون» ب، س: «يدعون». والصواب في أ.

(٤) في معظم النسخ: «نهل» ج: «بهر» وكلاهما محرف عما أثبت من مب، ها، ف.

(٥) في «الإصابة» ٧٥٣٥: «قال أبو عمرو: البيت الذي أوله» الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي «ليس للبيد، بل هو لقردة بن نفاثة». وقيل إن البيت الذي قاله في الإسلام:

ما عاتب الحر الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه الجليس الصالح

«الخزانة» (١: ٣٣٧).