نسب لبيد وأخباره
  أبوا أن يملَّونا ولو أنّ أمنّا ... تلاقي الذي يلقون منّا لملَّت
  فذو المال موفور وكل معصّب ... إلى حجرات أدفأت وأظلَّت(١)
  وقالت هلمّوا الدار حتّى تبيّنوا ... وتنجلي الغمّاء عمّا تجلَّت(٢)
  ليت شعري ما الذي رأى من بني جعفر حيث يقول هذا فيهم؟ قال: فكشف لبيد الثّوب عن وجهه وقال: يا ابن أخي، إنّك أدركت الناس وقد جعلت لهم شرطة يرعون(٣) بعضهم / عن بعض، ودار رزق تخرج الخادم بجرابها فتأتي برزق أهلها، وبيت مال يأخذون منه أعطيتهم، ولو أدركت طفيلا يوم يقول هذا لم تلمه. ثم استلقى وهو يقول: أستغفر اللَّه. فلم يزل يقول: أستغفر اللَّه؛ حتى قام.
  سؤال بني نهد له عن أشعر العرب
  أخبرني إسماعيل بن يونس قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثنا محمد بن حكيم، عن خالد بن سعيد قال:
  قال مرّ لبيد بالكوفة على مجلس بني نهد(٤) وهو يتوكأ على محجن له فبعثوا إليه رسولا يسأله عن أشعر العرب، فسأله فقال: الملك الضّليل ذو القروح. فرجع / فأخبرهم فقالوا: هذا امرؤ القيس. ثم رجع إليه فسأله:
  ثم من؟ فقال له: الغلام المقتول من بني بكر. فرجع فأخبرهم فقالوا: هذا طرفة. ثم رجع فسأله ثم من؟ فقال: ثم صاحب المحجن، يعني نفسه.
  لم يقل في الإسلام إلا بيتا واحدا
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبة قال: حدثني أبو عبيدة قال:
  لم يقل لبيد في الإسلام إلَّا بيتا واحدا، وهو:
  الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتّى لبست من الإسلام سربالا(٥)
  كتاب عمر إلى المغيرة أن يستنشد من قبله من الشعراء
  أخبرني أحمد قال: أخبرني عمي قال: حدثني محمد بن عباد بن حبيب المهلَّبي قال: حدثنا نصر بن دأب عن داود بن أبي هند عن الشّعبي قال:
  كتب عمر بن الخطاب ¥ إلى المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة: أن استنشد من قبلك من شعراء مصرك ما قالوا في الإسلام. فأرسل إلى الأغلب الراجز العجليّ، فقال له: أنشدني. فقال:
(١) المعصب، بكسر الصاد المشدّدة كما في «القاموس»: من يعصب بطنه بالخرق من الجوع. في معظم الأصول: «مصعب» تحريف صوابه في مب، ها. وانظر «مجالس ثعلب» ٤٦١ و «ديوان طفيل» ٥٧.
(٢) في معظم الأصول: «العمياء» مب، ها: «العوراء» والصواب من ف.
(٣) الكلمة محرفة في الأصل. فهي في م، ح، ها، ف: «يرعون» ب، س: «يدعون». والصواب في أ.
(٤) في معظم النسخ: «نهل» ج: «بهر» وكلاهما محرف عما أثبت من مب، ها، ف.
(٥) في «الإصابة» ٧٥٣٥: «قال أبو عمرو: البيت الذي أوله» الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي «ليس للبيد، بل هو لقردة بن نفاثة». وقيل إن البيت الذي قاله في الإسلام:
ما عاتب الحر الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه الجليس الصالح
«الخزانة» (١: ٣٣٧).