نسب لبيد وأخباره
  إجابة بنته للوليد
  فلما بلغت أبياته لبيدا قال لابنته: أجيبيه، فلعمري لقد عشت برهة وما أعيا بجواب شاعر. فقالت ابنته:
  إذا هبّت رياح أبي عقيل ... دعونا عند هبّتها الوليدا
  أشمّ الأنف أروع عبشميّا ... أعان على مروءته لبيدا
  بأمثال الهضاب كأنّ ركبا ... عليها من بني حام قعودا(١)
  أبا وهب جزاك اللَّه خيرا ... نحرناها فأطعمنا الثّريدا
  فعد إنّ الكريم له معاد ... وظنّي يا ابن أروى أن تعودا(٢)
  فقال لها لبيد: أحسنت لولا أنك استطعمته. فقالت: إنّ الملوك لا يستحيا من مسألتهم. فقال: وأنت يا بنية في هذه أشعر.
  سجود الفرزدق عند سماع شعر له
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبة قال حدّثني محمد بن عمران الضبي قال: حدّثني القاسم بن يعلى عن المفضّل الضبي قال:
  قدم الفرزدق فمرّ بمسجد بني أقيصر، وعليه رجل ينشد قول لبيد:
  وجلا السّيول عن الطَّلول كأنها ... زبر تجدّ متونها أقلامها
  فسجد الفرزدق فقيل له: ما هذا يا أبا فراس؟ فقال: أنتم تعرفون سجدة القرآن، وأنا أعرف سجدة الشعر.
  سؤال القراء الأشراف له عن أشعر الشعراء
  أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه بن عمار قال: حدّثنا يعقوب الثقفي، وابن عيّاش، ومسعر بن كدام، كلَّهم عن عبد الملك بن عمير قال:
  / أخبرني من أرسله القراء الأشراف - قال الهيثم: فقلت لابن عياش: من القرّاء الأشراف؟ قال: سليمان بن صرد الخزاعيّ، والمسيّب بن نجبة الفزاريّ(٣)، وخالد بن عرفطة الزّهري، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وهانئ بن عروة المرادي(٤) - إلى لبيد بن ربيعة وهو في المسجد، وفي يده محجن فقلت: يا أبا عقيل، إخوانك يقرونك السلام ويقولون: أيّ العرب أشعر؟ قال: الملك الضّليل ذو القروح. فردّوني إليه وقالوا: ومن ذو القروح؟
  قال: امرؤ القيس. فأعادوني إليه وقالوا: ثم من؟ قال: الغلاء ابن ثمان عشرة سنة. فردّوني إليه فقلت: ومن هو؟
  فقال: طرفة. فردّوني إليه فقلت: ثم من؟ قال: صاح المحجن حيث يقول:
  إنّ تقوى ربّنا خير نفل ... وبإذن اللَّه ريثي وعجل
  أحمد اللَّه ولا ندّ له ... بيديه الخير ما شاء فعل
(١) ما عدا أ، م، مب، ها، ف: «تجاذب».
(٢) هذا ما في مب، ها، وفي ف: «بابن اروى أن يعودا». وفي سائر النسخ: «لا أبالك أن تعودا».
(٣) كان المسيب ممن شهد القادسية وحروب علي. ترجم له في «تهذيب التهذيب».
(٤) هانئ بن عروة المرادي، مخضرم سكن الكوفة، وكان من خواص علي. ترجم له في «الإصابة».