نسب لبيد وأخباره
  من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضلّ(١)
  يعني نفسه. ثم قال: أستغفر اللَّه.
  جلس المعتصم وغناه بعض المغنين شعرا للبيد بعد تغييره
  أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال: حدثنا عمر بن شبّة عن ابن البواب قال:
  جلس المعتصم يوما للشراب، فغنّاه عض المغنّين قوله:
  وبنو العباس لا يأتون «لا» ... وعلى ألسنهم خفّت «نعم»
  / زيّنت أحلامهم أحسابهم ... وكذاك الحلم زين للكرم
  / فقال: ما أعرف هذا الشعر، فلمن هو؟ قيل: للبيد. فقال: وما للبيد وبني العبّاس؟ قال المغنّي: إنما قال:
  وبنو الدّيان(٢) لا يأتون
  فجعلته «وبنو العباس». فاستحسن فعله ووصله.
  إعجاب المعتصم بشعر لبيد
  وكان يعجب بشعر لبيد فقال: من منكم يروي قوله:
  بلينا وما تبلى النجوم الطوالع
  فقال بعض الجلساء: أنا. فقال: أنشدنيها. فأنشد:
  بلينا وما تبلى النّجوم الطوالع ... وتبقى الجبال بعدنا والمصانع
  وقد كنت في أكناف جار مضنّة ... ففارقني جار بأربد نافع(٣)
  فبكى المعتصم حتّى جرت دموعه، وترحّم على المأمون، وقال: هكذا كان رحمة اللَّه عليه! ثم اندفع وهو ينشد باقيها ويقول:
  فلا جزع إن فرّق الدّهر بيننا ... فكلّ امرئ يوما له الدهر فاجع
  وما الناس إلَّا كالدّيار وأهلها ... بها يوم حلَّوها وبعد بلاقع(٤)
  ويمضون أرسالا ونخلف بعدهم ... كما ضمّ إحدى الراحتين الأصابع
  وما المرء إلا كالشّهاب وضوئه ... يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
  وما البرّ إلا مضمرات من التّقى ... وما المال إلا عاريات ودائع(٥)
  / أليس ورائي إن تراخت منيّتي ... لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
(١) «ديوان لبيد» ص ١١.
(٢) بنو الديان، من بني الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب. «تاج العروس» (دين). وقد مدحهم السموأل. «الأمالي» (١: ٢٧٠).
وأمية بن أبي الصلت. «الأمالي» (٣: ٣٨). في الأصول: ما عدا مب، ها، ف: «وبنو السريان»، تحريف.
(٣) في معظم الأصول: «دار مضنة» و «بأربة»، صوابهما في ف و «الديوان» و «الشعر والشعراء» ٢٣٦.
(٤) في معظم الأصول: «وتغدو» صوابه في مب، ها، و «الديوان» و «الشعر والشعراء»: «وغدوا بلاقع».
(٥) في معظم الأصول: «وما المرء» صوابه في مب، ها، ف، و «الديوان» و «الشعر والشعراء».