نسب لبيد وأخباره
  أخبّر أخبار القرون التي مضت ... أدبّ كأنّي كلما قمت راكع
  فأصبحت مثل السّيف أخلق جفنه ... تقادم عهد القين والنصل قاطع
  فلا تبعدن إنّ المنية موعد ... علينا فدان للطَّلوع وطالع
  أعاذل ما يدريك إلَّا تظنّيا ... إذا رحل الفتيان من هو راجع(١)
  أتجزع مما أحدث الدهر بالفتى ... وأيّ كريم لم تصبه القوارع
  لعمرك ما تدري الضّوارب بالحصى ... ولا زاجرات الطَّير ما اللَّه صانع
  قال: فعجبنا واللَّه من حسن ألفاظه، وصحّة إنشاده، وجودة اختياره.
  تبرؤ عثمان بن مظعون من جوار الوليد بن المغيرة
  أخبرني الحسين بن علي قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه. وحدّثنا محمد بن جرير الطبري قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق قال(٢):
  كان عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة، فتفكَّر يوما في نفسه فقال: واللَّه ما ينبغي لمسلم أن يكون آمنا في جوار كافر ورسول اللَّه ﷺ خائف. فجاء إلى الوليد بن المغيرة فقال له: أحبّ أن تبرأ من جواري. قال:
  لعلَّه رابك ريب. قال: لا، ولكن أحبّ أن تفعل. قال: فاذهب بنا حتّى أبرأ منك حيث أجرتك(٣). فخرج معه إلى المسجد الحرام فلمّا وقف على جماعة قريش قال لهم: هذا ابن مظعون قد كنت أجرته ثم سألني أن أبرأ منه، أكذاك يا عثمان؟ / قال: نعم. قال: اشهدوا أني منه بريء.
  تصديق عثمان بن مظعون وتكذيبه له في بيت شعر
  قال: وجماعة يتحدّثون من قريش معهم لبيد بن ربيعة ينشدهم، فجلس عثمان مع القوم فأنشدهم لبيد:
  ألا كلّ شيء ما خلا اللَّه باطل
  / فقال له عثمان: صدقت. فقال لبيد:
  وكلّ نعيم لا محالة زائل
  فقال عثمان: كذبت. فلم يدر القوم ما عنى. فأشار بعضهم إلى لبيد أن يعيد، فأعاد فصدّقه في النصف الأول وكذّبه في الآخر، لأنّ نعيم الجنة لا يزول. فقال لبيد: يا معشر قريش، ما كان مثل هذا يكون في مجالسكم. فقام أبيّ بن خلف أو ابنه فلطم وجه عثمان، فقال له قائل: لقد كنت في منعة من هذا بالأمس. فقال له: ما أحوج عيني هذه الصحيحة إلى أن يصيبها ما أصاب الأخرى في اللَّه.
  خبر للشعبي مع عبد الملك فيه رواية لشعر لبيد
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قال: حدثني العمري عن الهيثم بن عديّ عن عبد اللَّه بن عيّاش قال:
(١) التظني: التظنن، وهو الظن.
(٢) الخبر برواية أخرى عن ابن إسحاق في «الخزانة» (١: ٣٤١). كما أن البغدادي سرد روايات أخرى في تكذيب لبيد وتصديقه.
(٣) في معظم الأصول: «أخذتك»، صوابه في مب، ها.