كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب لبيد وأخباره

صفحة 252 - الجزء 15

  تفرّس النابغة فيه النجابة وهو صغير

  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثنا هارون بن مسلم عن العمري عن الهيثم بن عدي عن حماد الراوية قال:

  / نظر النابغة الذبياني إلى لبيد بن ربيعة وهو صبيّ، مع أعمامه على باب النّعمان بن المنذر، فسأل عنه فنسب له، فقال له: يا غلام، إنّ عينيك لعينا شاعر، أفتقرض من الشّعر شيئا؟ قال: نعم يا عمّ. قال: فأنشدني شيئا مما قلته. فأنشده قوله:

  ألم تربع على الدّمن الخوالي⁣(⁣١)

  فقال له: يا غلام، أنت أشعر بني عامر، زدني يا بنيّ. فأنشده:

  طلل لخولة بالرّسيس قديم

  فضرب بيديه إلى جنبيه وقال: اذهب فأنت أشعر من قيس كلَّها، أو قال: هوازن كلَّها.

  لقيه النابغة بعد خروجه من عند النعمان وشهد له

  وأخبرني بهذا الخبر عمي قال: حدّثنا العمري عن لقيط عن أبيه، وحماد الراوية عن عبد اللَّه بن قتادة المحاربي قال:

  كنت مع النابغة بباب النّعمان بن المنذر، فقال لي النابغة: هل رأيت لبيد بن ربيعة فيمن حضر؟ قلت: نعم.

  قال: أيّهم أشعر؟ قلت: الفتى الذي رأيت من حاله كيت وكيت. فقال: اجلس بنا حتّى يخرج إلينا. قال: فجلسنا فلما خرج قال له النابغة: إليّ يا ابن / أخي. فأتاه فقال: إنشدني. فأنشده قوله:

  ألم تلمم على الدّمن الخوالي ... لسلمى بالمذانب فالقفال⁣(⁣٢)

  فقال له النابغة: أنت أشعر بني عامر، زدني. فأنشده:

  طلل لخولة بالرّسيس قديم ... فبعاقل فلأنعمين رسوم⁣(⁣٣)

  / فقال له: أنت أشعر هوازن، زدني. فأنشده قوله:

  عفت الدّيار محلَّها فمقامها ... بمنى تأبّد غولها فرجامها

  فقال له النابغة: اذهب فأنت أشعر العرب.

  وصيته لابن أخيه حينما حضرته الوفاة

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدثني عبد اللَّه بن محمد بن حكيم، عن خالد بن


(١) ربع كمنع. وقف وانتظر وتحبس.

(٢) في معظم الأصول: «بالمذائب»، صوابه من مب، ها، ف و «الديوان» ١٠٨ طبع ١٨٨٠. والقفال، بالضم، كما في «معجم البلدان».

(٣) الرسيس، بهيئة التصغير: واد بنجد لبني كاهل من بني أسد. وعاقل: واد بنجد أسفله لبني أسعد. في معظم الأصول: «بمعاقل»، صوابه من مب، ها، ف و «الديوان» ٩١. وجاء أيضا في شعر لبيد:

ونائحتان تنديان بعاقل ... أخا ثقة لا عين منه ولا أثر