نسب لبيد وأخباره
  تفرّس النابغة فيه النجابة وهو صغير
  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثنا هارون بن مسلم عن العمري عن الهيثم بن عدي عن حماد الراوية قال:
  / نظر النابغة الذبياني إلى لبيد بن ربيعة وهو صبيّ، مع أعمامه على باب النّعمان بن المنذر، فسأل عنه فنسب له، فقال له: يا غلام، إنّ عينيك لعينا شاعر، أفتقرض من الشّعر شيئا؟ قال: نعم يا عمّ. قال: فأنشدني شيئا مما قلته. فأنشده قوله:
  ألم تربع على الدّمن الخوالي(١)
  فقال له: يا غلام، أنت أشعر بني عامر، زدني يا بنيّ. فأنشده:
  طلل لخولة بالرّسيس قديم
  فضرب بيديه إلى جنبيه وقال: اذهب فأنت أشعر من قيس كلَّها، أو قال: هوازن كلَّها.
  لقيه النابغة بعد خروجه من عند النعمان وشهد له
  وأخبرني بهذا الخبر عمي قال: حدّثنا العمري عن لقيط عن أبيه، وحماد الراوية عن عبد اللَّه بن قتادة المحاربي قال:
  كنت مع النابغة بباب النّعمان بن المنذر، فقال لي النابغة: هل رأيت لبيد بن ربيعة فيمن حضر؟ قلت: نعم.
  قال: أيّهم أشعر؟ قلت: الفتى الذي رأيت من حاله كيت وكيت. فقال: اجلس بنا حتّى يخرج إلينا. قال: فجلسنا فلما خرج قال له النابغة: إليّ يا ابن / أخي. فأتاه فقال: إنشدني. فأنشده قوله:
  ألم تلمم على الدّمن الخوالي ... لسلمى بالمذانب فالقفال(٢)
  فقال له النابغة: أنت أشعر بني عامر، زدني. فأنشده:
  طلل لخولة بالرّسيس قديم ... فبعاقل فلأنعمين رسوم(٣)
  / فقال له: أنت أشعر هوازن، زدني. فأنشده قوله:
  عفت الدّيار محلَّها فمقامها ... بمنى تأبّد غولها فرجامها
  فقال له النابغة: اذهب فأنت أشعر العرب.
  وصيته لابن أخيه حينما حضرته الوفاة
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدثني عبد اللَّه بن محمد بن حكيم، عن خالد بن
(١) ربع كمنع. وقف وانتظر وتحبس.
(٢) في معظم الأصول: «بالمذائب»، صوابه من مب، ها، ف و «الديوان» ١٠٨ طبع ١٨٨٠. والقفال، بالضم، كما في «معجم البلدان».
(٣) الرسيس، بهيئة التصغير: واد بنجد لبني كاهل من بني أسد. وعاقل: واد بنجد أسفله لبني أسعد. في معظم الأصول: «بمعاقل»، صوابه من مب، ها، ف و «الديوان» ٩١. وجاء أيضا في شعر لبيد:
ونائحتان تنديان بعاقل ... أخا ثقة لا عين منه ولا أثر