أخبار شارية
  المعتمد لا يأكل إلا طعامها
  قال: وكان المعتمد قد وثق بشارية، فلم يكن يأكل إلا طعامها. فمكثت دهرا من الدهور(١) تعدّله في كل يوم جونتين(٢)، وكان طعامه منهما في أيام المتوكل.
  إبراهيم بن المهدي يدعوها بنتي
  قال ابن المعتز: وحدثني أحمد بن نعيم عن ريق، قالت: كان مولاي إبراهيم يسمي شارية بنتي، ويسميني أختي.
  المعتمد يمنحها ألف ثوب
  حدثني جحظة، قال: كنت عند المعتمد يوما، فغنته شارية بشعر مولاها إبراهيم بن المهدي ولحنه:
  يا طول علة قلبي المعتاد ... إلف الكرام وصحبة الأمجاد
  فقال لها: أحسنت واللَّه. فقالت: هذا غنائي وأنا عارية، فكيف لو كنت كاسية؟ فأمر لها بألف ثوب من جميع أنواع الثياب الخاصيّة، فحمل ذلك إليها. فقال لي عليّ بن يحيى المنجم: / اجعل انصرافك معي. ففعلت، فقال لي: هل بلغك أن خليفة أمر لمغنية بمثل ما أمر به أمير المؤمنين اليوم لشارية؟ قلت: لا. فأمر بإخراج سير الخلفاء، فأقبل بها الغلمان يحملونها في دفاتر عظام، فتصفحناها كلها؛ فما وجدنا أحدا قبله فعل ذلك.
  نسبة هذا الصوت
  صوت
  يا طول علة(٣) قلبي المعتاد ... إلف الكرام وصحبة الأمجاد
  ما زلت آلف كل قرم ماجد ... متقدم الآباء والأجداد
  الشعر لإبراهيم بن المهدي، والغناء لعلويه، خفيف رمل لشارية بالبنصر، ولم يقع إلينا فيه طريقة غير هذه.
  تغنى بشعر لخديجة بنت المأمون
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي سعيد، قال: حدثني محمد بن مالك الخزاعيّ، قال: حدثتني ملح العطارة، وكانت من أحسن الناس غناء، وإنما سميت العطارة لكثرة استعمالها العطر المطيب، قالت: غنت شارية يوما بين يدي المتوكل وأنا واقفة مع الجواري:
  باللَّه قولوا لي لمن ذا الرّشا ... المثقل الردف الهضيم الحشا
  أظرف ما كان إذا ما صحا ... وأملح الناس إذا ما انتشى
  وقد بنى برج حمام له ... أرسل فيه طائرا مرعشا
(١) كذا في ف، مب، ج، س. وفي بقية الأصول: الدهر. وفي «نهاية الأرب»: فمكثت دهرا، وهي أحسن.
(٢) الجونة: سلة صغيرة مستديرة مغشاة أدما، يوضع فيها الطيب أو الثياب أو نحوهما، جمعها جون، وقد تهمز الواو في المفرد والجمع، والهمز هو الأصل.
(٣) أ، م: غلة، بالغين المنقوطة.