كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحسين بن مطير ونسبه

صفحة 283 - الجزء 16

  وقد أخبرني بهذا الخبر عمي | أتم من هذا، قال: نسخت من كتاب المفضل بن سلمة: قال أبو عكرمة الضبيّ: قال المفضل الضبيّ:

  كنت يوما جالسا على بابي وأنا محتاج إلى درهم، وعليّ عشرة آلاف درهم⁣(⁣١)، إذ جاءني رسول المهديّ، فقال: أجب أمير المؤمنين. فقلت: ما بعث إليّ في هذا الوقت إلا لسعاية ساع. وتخوّفته، لخروجي - كان - مع إبراهيم بن عبد اللَّه بن حسن⁣(⁣٢)، فدخلت منزلي، فتطهرت ولبست ثوبين نظيفين، وصرت إليه. فلما مثلث بين يديه سلمت، فردّ عليّ، وأمرني بالجلوس. فلما سكن جأشي، قال لي: يا مفضل، أيّ بيت قالته العرب أفخر؟

  فتشككت ساعة، ثم قلت: بيت الخنساء. وكان مستلقيا فاستوى جالسا، ثم قال: وأي بيت هو؟ قلت قولها:

  وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار

  فأومأ إلى إسحاق بن بزيع⁣(⁣٣)، ثم قال: قد قلت له ذلك فأباه. فقلت: الصواب ما قاله أمير المؤمنين. ثم قال:

  حدّثني يا مفضل. قلت: أي الحديث أعجب إلى أمير المؤمنين؟ قال: حديث النساء. فحدّثته حتى انتصف النهار، ثم قال لي: / يا مفضل، أسهرني البترحة بيتا ابنمطير، وأنشد / البيتين المذكورين في الخبر الأول. ثم قال: ألهذين ثالث يا مفضل؟ نعم يا أمير المؤمنين. فقال: وما هو؟ فأنشدته قوله:

  وكم قد رأينا من تغير عيشة ... وأخرى صفا بعد أكدرار غديرها

  وكان المهديّ رقيقا فاستعبر، ثم قال: يا مفضل، كيف حالك؟ قلت: كيف يكون حال من هو مأخوذ بعشرة آلاف درهم؟ فأمر لي بثلاثين ألف درهم، وقال: اقض دينك، وأصلح شأنك. فقبضتها وانصرفت.

  يمدح المهدي فيمنحه سبعين ألف درهم

  أخبرني يحيى بن عليّ، عن عليّ بن يحيى إجازة، وحدّثنا الحسن⁣(⁣٤) بن عليّ قال: حدّثنا محمد بن القاسم، عن عبد اللَّه بن أبي سعد⁣(⁣٥)، قال: حدّثني إسحاق بن عيسى بن موسى بن مجمع، أحد بني سوار بن الحارث الأسديّ، قال: أخبرني جدّي موسى بن مجمع، قال:

  قال الحسين بن مطير في المهدي قصيدته التي يقول فيها:

  إليك أمير المؤمنين تعسفت ... بنا البيد هو جاء النّجاء خبوب⁣(⁣٦)

  ولو لم يكن قدامها ما تقاذفت ... جبال بها مغبرة وسهوب

  فتى هو من غير التخلق ماجد ... ومن غير تأديب الرجال أديب


(١) كذا في ف. وفي الأصول: وعلى يومئذ عشرة آلاف درهم دين.

(٢) خرج إبراهيم بن عبد اللَّه بن حسن العلويّ علي أبي جعفر المنصور العباسيّ في البصرة سنة ١٤٥ هـ (عن الفخري لابن الطقطقي).

(٣) أ، ج: بزيغ.

(٤) ج: الحسين.

(٥) في بعض النسخ: ابن أبي سعيد. والصحيح: سعد، ويلقب بالوراق. ذكر في «أساتيد الموشح» للمرزباني في عدّة مواضع.

(٦) تعسفت: من العسف، وهو أن يأخذ المسافر على غير طريق ولا جادة ولا علم (بتحريك اللام). والهوجاء من الإبل: الناقة المسرعة، كأن بها هو جاء، وهو الطيش والتسرع. والنجاء: الإسراع. وخبوب: صيغة مبالغة من الخبب، وهو ضرب من عدو الإبل. وفي الأصول: جنوب. تحريف.