أخبار المغيرة بن شعبة ونسبه
  فقلت: خذ خمرك. فأخذ ما كان كاله لي، وهو يرى أني خلطته بالشراب الذي أريته إياه. وخرجت فجعلته مع الخمر الأوّل.
  / ولم أزل أفعل ذلك بكل خمار في الحيرة، حتى ملأت زقي الأوّل وبعض الآخر. ثم رجعت إلى أصحابي، فوضعت الزقين بين أيديهم، ورددت درهمهم. فقالوا لي: ويحك! أيّ شيء صنعت؟ فحدّثتهم، فجعلوا يعجبون.
  وشاع لي الذكر في العرب بالدهاء حتى اليوم.
  هو أول من خضب بالسواد
  قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري، قال: حدّثنا داود بن خالد، عن العباس بن عبد اللَّه بن معبد(١) بن العباس، قال:
  أوّل من خضب بالسواد المغيرة بن شعبة. خرج على الناس وكان عهدهم به أبيض الشعر، فعجب الناس منه.
  يغضب لأبي بكر الصديق
  قال محمد: وأخبرني شهاب بن عباد، قال: حدّثنا إبراهيم بن حميد الرّواسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي خازم، عن المغيرة بن شعبة، قال:
  كنت جالسا عند / أبي بكر، إذ عرض عليه فرس له، فقال له رجل من الأنصار: احملني عليها. فقال أبو بكر:
  لأن أحمل عليها غلاما قد ركب الخيل على غرلته(٢)، أحب إليّ من أن أحملك عليها. فقال له الأنصاري: أنا خير منك ومن أبيك. قال المغيرة: فغضبت لما قال ذلك لأبي بكر ¥، فقمت إليه، فأخذت برأسه، فركبته، وسقط على أنفه، فكأنما كان عزالي(٣) مزادة. فتوعدني الأنصار أن يستقيدوا مني، فبلغ ذلك أبا بكر. فقام فقال:
  أما بعد. فقد بلغني عن رجال منكم زعموا أني مقيدهم من المغيرة. وو اللَّه لأن أخرجهم من دارهم، أقرب إليهم من أن أقيدهم [من] وزعة اللَّه(٤) الذين يزعون إليه.
  يخطب هند بنت النعمان فترفض
  أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعيّ وحبيب بن نصر المهلَّبي، قالا: حدّثنا عمر بن شبة، قال: حدّثنا محمد بن سلام الجمحي، قال: حدّثنا حسان بن العلاء الرياحيّ، عن أبيه، عن الشعبي، قال:
  ركب المغيرة بن شعبة إلى هند بنت النعمان بن المنذر، وهي بدير هند(٥)، منتصّرة عمياء، بنت تسعين سنة.
  فقالت له: من أنت؟ قال: أنا المغيرة بن شعبة. قالت: أنت عامل هذه المدرة؟ تعني الكوفة. قال: نعم. قالت:
  فما حاجتك؟ قال: جئتك خاطبا إليك نفسك. قالت: أما واللَّه لو كنت جئت تبغي جمالا أو دينا أو حسبا لزوّجناك، ولكنك أردت أن تجلس في موسم من مواسم العرب، فتقول: تزوّجت بنت النعمان بن المنذر؛ وهذا والصليب أمر
(١) ف: سعيد.
(٢) يريد: ركبها في صغره، واعتادها قبل أن يختن. والغرلة: القلفة.
(٣) يريد أن أنفه انفجر بالدم كأنه فم مزادة. وقد تحرفت هذه العبارة في الأصول، فجاءت في س: فكأنما عدلي مزادة. وفي ج: فكأنما عذلي مزادة. وفي أ، م: فكأنما عزل لي مزادة. وفي مب، ف: فكأنما كان عزلتي مزادة. وهذه أقربها إلى الصواب. والعزالي:
جمع عزلاء وهو فم المزادة الأسفل ينصب منه الماء بكثرة.
(٤) من: ساقطة من الأصول. والوزعة: جمع وازع، وهو الذي يكف الناس عن الإقدام على الشر. وفي ف: وزعة الدين.
(٥) أ، م، س: يومئذ، في مكان بدير هند. وفي ف: بديرهم.