أخبار المغيرة بن شعبة ونسبه
  لا يكون أبدا، أو ما يكفيك فخرا أن تكون في ملك النعمان وبلاده، تدبرهما كما تريد! وبكت.
  فقال لها: أي العرب كان أحب إلى أبيك. قالت: ربيعة. قال: فأين كان يجعل قيسا؟ قالت: ما كان يستعتبهم من طاعة(١). قال: فأين كان يجعل ثقيفا؟ قالت: رويدا لا تعجل. بينا أنا ذات يوم جالسة في خدر لي، إلى جنب أبي، إذ دخل عليه رجلان، أحدهما من هوازن، والآخر من بني مازن، كل واحد منهما يقول: إن ثقيفا منا، فأنشأ أبي يقول(٢):
  /
  إن ثقيفا لم يكن هوازنا ... ولم يناسب عامرا ومازنا
  إلا قريبا فانشر(٣) المحاسنا
  فخرج المغيرة وهو يقول:
  أدركت ما منيت نفسي خاليا ... للَّه درك يابنة النعمان!
  وذكر الأبيات التي مضت، وذكرت الغناء فيها.
  يسمع هجاء من حسان فيجيزه
  أخبرني محمد بن خلف، قال: أخبرنا الحارث بن محمد، قال: قال أبو عبيدة: قال العلاء بن جرير العنبري:
  بينا حسان بن ثابت ذات يوم جالس بالخيف من منّى وهو يومئذ مكفوف، إذ زفر زفرة، ثم أنشأ يقول:
  وكأن حافرها بكل خميلة ... صاع يكيل به شحيح معدم
  عاري الأشاجع من ثقيف أصله ... عبد ويزعم أنه من يقدم(٤)
  قال: والمغيرة بن شعبة يسمع ما يقول، فبعث إليه بخمسة آلاف درهم. فلما أتاه بها الرسول قال: من بعث بهذه؟
  قال: المغيرة بن شعبة، سمع ما قلت. فقال: وا سوءتاه! وقبلها.
  تزوّج أكثر من ثمانين امرأة
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال: حدّثنا عيسى بن إسماعيل العتكي(٥)، قال حدثنا محمد بن سلام الجمحيّ، قال:
  أحصن المغيرة بن شعبة إلى أن مات ثمانين امرأة، فيهن ثلاث بنات لأبي / سفيان بن حرب، وفيهن حفصة بنت سعد بن أبي وقاص، وهي أم ابنة حمزة بن المغيرة، وعائشة بنت جرير بن عبد اللَّه.
(١) كذا في ف. وفي بعض الأصول: كان يستعفيهم من طاعته. وفي مب: قالت بحيث كان يراهم من طاعته.
(٢) كذا في الأصول. وفي «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد (٢: ٣٩٣) اختلاف عما هنا، قال: «قالت: أذكر وقد اختصم إليه رجلان منهم. أحدهما ينتهي إلى إياد، والآخر إلى هوازن، فقضى للإيادي، وقال:
إن ثقيفا لم يكن هوازيا ... ولم يناسب عامرا ومازنا
فقال المغيرة: أما نحن فمن بكر بن هوازن، فليقل أبوك ما شاء. ثم انصرف.
(٣) فانشر: كذا في ج، ف، مب. وفي أ، م: فانشدوا. وفي س: فانشروا.
(٤) يقدم كينصر: أبو قبيلة، وهو ابن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، يريد أن عبدا ينتسب إلى أعرق العرب نسبا.
(٥) ف: الثقفي. وفي سائر الأصول: إسماعيل بن عيسى.