أخبار المغيرة بن شعبة ونسبه
  عمر يغير كنيته
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن زيد بن أسلم:
  أن رجلا جاء فنادى يستأذن لأبي عيسى، على أمير المؤمنين. فقال عمر: أيكم أبو عيسى؟ قال المغيرة بن شعبة: أنا. فقال له عمر: هل لعيسى من أب؟ أما يكفيكم معاشر العرب أن تكتنوا بأبي عبد اللَّه، وأبي عبد الرّحمن! فقال له رجل من القوم: أشهد أن النبي ﷺ كناه بها. فقال له عمر: إن النبي ﷺ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأنا لا أدري ما يفعل بي. فكناه أبا عبد اللَّه.
  أعرابي يصف عور الكوفة
  أخبرني هاشم بن محمد قال: حدثنا أبو غسان دماذ، عن أبي عبيدة، قال: حدثني عمرو بن بحر أبو عثمان الجاحظ، قال:
  / كان الجمال بالكوفة ينتهي إلى أربعة نفر: المغيرة بن شعبة؛ وجرير بن عبد اللَّه، والأشعث بن قيس، وحجر بن عديّ، وكلهم كان أعور؛ فكان المغيرة والأشعث وجرير يوما متواقفين بالكوفة بالكناسة، فطلع عليهم أعرابي. فقال لهم المغيرة: دعوني أحركه. قالوا: لا تفعل، فإن للأعراب جوابا يؤثر. قال: لابد. قالوا: فأنت أعلم. قال له: يا أعرابي، هل تعرف المغيرة بن شعبة؟ قال: نعم أعرفه أعور زانيا. فوجم. ثم تجلد فقال: هل / تعرف الأشعث بن قيس؟ قال: نعم، ذاك رجل لا يعرى قومه(١). قال: وكيف ذاك؟ قال: لأنه حائك ابن حائك.
  قال: فهل تعرف جرير بن عبد اللَّه؟ قال: وكيف لا أعرف رجلا لولاه ما عرفت عشيرته. قالوا له: قبحك اللَّه، فإنك شر جليس، فهل تحب أن نوقر لك بعيرك هذا مالا وتموت أكرم العرب؟ قال: فمن يبلغه أهلي إذن؟ فانصرفوا عنه وتركوه.
  حوار له مع ابن لسان الحمرة
  أخبرني علي بن سليمان الأخفش، قال: حدثني أبو سعيد السكريّ، قال: حدثنا محمد بن أبي السريّ - واسم أبي السريّ سهل بن سلام الأزدي - قال: حدثني هشام بن محمد قال: أخبرنا عوانة بن الحكم، قال:
  خرج المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يومئذ، ومعه الهيثم بن الأسود النخعيّ، بعد غبّ مطر، يسير بظهر الكوفة والحوف، فلقي ابن لسان(٢) الحمّرة، أحد بني تيم اللَّه بن ثعلبة، وهو لا يعرف المغيرة. فقال له المغيرة:
قال: نعم، دخلت عليك في السحر وأنت تتخللين؛ فإن كنت بادرت الغداء، فأنت شرهة؛ وإن كنت بت والطعام بين أسنانك فأنت قذرة. فقالت: كل ذلك لم يكن، لكنني تخللت من شظايا السواك. وذكر ابن عبد ربه في كتابه «العقد»: أن الفارغة المذكورة كانت زوجة المغيرة بن شعبة، وأنه هو الذي طلقها لأجل الحكاية المذكورة في التخلل. وانظر الخبر في «وفيات الأعيان» لابن خلكان، في ترجمة الحجاج.
(١) كذا جاءت هذه العبارة في ف، ج، مب. وفيها إشارة إلى أنه حائك ابن حائك. وفي بقية الأصول: لا يعدى قومه. تحريف.
(٢) الحمر: ضرب من العصافير. وابن لسان الحمرة: هو عبد اللَّه بن حصين بن ربيعة بن جعفر بن كلاب التيمي. وقيل: هو ورقاء بن الأشعر، كان خطيبا بليغا نسابة، ضرب به المثل، فقيل: «أنسب من ابن لسان الحمرة». (عن «مجمع الأمثال» للميداني، و «تاج العروس» للزبيدي).