أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه
فصدعت حين أبى مودته ... صدع الزجاجة دائم أبده
/ وعرفت أن الطير قد صدقت ... يوم الكدانة شرّ ما تعده
فاصبر فإن لكل ذي أجل ... يوما يجيء فينقضي عدده
ماذا تعاتب من زمانك إذ ... ظعن الحبيب وحل بي كمده(١)
قالا: وخاطب أباها يحيى بن يعمر في ذلك، فقال له: إنها امرأة برزة عاقلة، لا يفتات على مثلها بأمرها، وما عندها عنك من رغبة، ولكنها امرأة في خلقها شدّة، ولها غيرة، وقد بلغني أن لك زوجتين، وما أراها تصبر على أن تكون ثالثة لهما؛ فانظر في أمرك، وشاور فيه: فإما أن أقمت بالبصرة معها، فعفت لك عن / صاحبتيك، إذ لا مجاورة بينهما وبينها ولا عشرة، وإن شئت فارقتهما(٢) وأخرجها معك. فصار إلى رحله مغموما. وشاور ابن عم له يقال له ورّاد بن عمرو في ذلك، فقال له: إن في يحيى بن يعمر لرغبة، لثروته وكثرة ماله، وما ذكرته(٣) من جمال ابنته، وما نحب أن تفارق زوجتيك - وكانت إحداهما ابنة عمه، والأخرى من أشجع - فتقيم معها السنة بالبصرة، وتمضي نحن(٤)، فإن رغبت فيها تمسكت بها، وأقمت بمكانك، وإن رغبت في العود إلى بلدك، كتبت إلينا فجئناك، حتى تنصرف معنا إلى بلدك.
قصيدته في زوجه أم سعد
ففكر ليله أجمع في ذلك، ثم غدا عازما على الرجوع إلى الحجاز، وقال:
لئن أقمت بحيث الفيض في رجب ... حتى أهلّ به من قابل رجبا(٥)
وراح في السّفر وراد فهيجني ... إن الغريب إذا هيجته طربا(٦)
إن الغريب يهيج الحزن صبوته ... إذا المصاحب حياه وقد ركبا
قد قلت أمس لوارد وصاحبه ... عوجا على الخارجيّ اليوم واحتسبا(٧)
وأبلغا أم سعد أنّ عانيها ... أعيا على شفعاء الناس فاجتنبا(٨)
لما رأيت نجيّ القوم قلت لهم ... هل يعدونّ نجيّ القوم ما كتبا(٩)
/ وقلت إني متى أجلب شفاعتكم ... أندم وإنّ أشقّ الغيّ ما اجتلبا(١٠)
(١) كذا في ف، مب. وفي سائر النسخ: أن ظعن.
(٢) كذا في ف، وفي مب: ففارقهما. وفي سائر النسخ: مفارقتهما.
(٣) ج: ذكره.
(٤) نحن: كذا في ف، مب. وفي سائر النسخ: تمضي بخير. تحريف.
(٥) الفيض: نهر البصرة. وهي رواية ف، مب. وفي سائر النسخ: القبض. تحريف. يريد: أقمت بهذا الموضع، وأهل الرجل الهلال:
رآه.
(٦) ف: وراث في السفر.
(٧) احتسبا: يريد اصنعا فيّ معروفا، وعدا أجره عند اللَّه.
(٨) العاني: الأسير.
(٩) النجيّ، بوزن فعيل: الذي يسارك ويناجيك، مفرد وجمع. ورواية البيت كما في ف، مب. وفي سائر النسخ: قلت له: هل يقدرن.
(١٠) كذا روى البيت في مب، وفيه تحريف في سائر النسخ.