كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه

صفحة 338 - الجزء 16

  هشام بن الوليد بن المغيرة، فاستعداه الخارجيّ على المولى. فأرسل إبراهيم إليه وإلى النفر السّلميين، وفرق بين المولى وزوجته، وضربه مائتي سوط، وحلق رأسه ولحيته وحاجبيه. فقال محمد بن بشير في ذلك:

  شهدت غداة خصم بني سليم ... وجوها من قضائك غير سود⁣(⁣١)

  قضيت بسنة وحكمت عدلا ... ولم ترث الحكومة من بعيد

  إذا غمز القنا وجدت لعمري ... قناتك حين تغمز خير عود

  إذا عض الثّقاف بها اشمأزت ... أبيّ النفس بائنة الصعود⁣(⁣٢)

  حمى حدبا لحوم بنات قوم ... وهم تحت التراب أبو الوليد

  وفي المئتين للمولى نكال ... وفي سلب الحواجب والخدود

  / إذا كافأتهم ببنات كسرى ... فهل يجد الموالي من مزيد

  فأي الحق أنصف للموالي ... من اصهار العبيد إلى العبيد

  كان له عبد غير وفي

  حدّثني عمي⁣(⁣٣)، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني سليمان بن عياش، قال:

  كان للخارجيّ عبد، وكان يتلطف له ويخدمه، حتى أعتقه وأعطاه مالا، فعمل به، وربح فيه. ثم احتاج الخارجيّ بعد ذلك إلى معونة أو قرض في نائبة لحقته، فبعث إلى مولاه في ذلك، وقد كان المولى أثرى واتسعت حاله، فحلف له أنه لا يملك شيئا، فقال الخارجيّ في ذلك:

  يسعى لك المولى ذليلا مدقعا ... ويخذلك المولى إذا اشتدّ كاهله

  فأمسك عليك العبد أوّل وهلة ... ولا تنفلت من راحتيك حبائله

  وقال أيضا:

  إذا افتقر المولى سعى لك جاهدا ... لترضى وإن نال الغنى عنك أدبرا

  يتزوّج ثالثة إذ تأخر عنه زوجتاه

  حدّثني عيسى بن الحسين⁣(⁣٤)، قال: حدّثنا الزبير، قال: حدّثني سليمان بن عياش السعديّ، قال:

  كان محمد بن بشير الخارجيّ بين زوجتين له، وكان يسكن الروحاء، فأجدب عليه منزله، فوجه غنما إلى سحابة وقعت برجفان، وهو جبل يطل على مضيق يليل، فشقت غيبتها عليه. فقال لزوجتيه: لو تحوّلتما إلى غنمنا.

  فقالتا له: بل تذهب، فتطلع إليها، وتصرفها إلى موضع قريب، حتى نوافيك فيه. فمضى وزوّدتاه وطبين، وقالتا له: اجمع لنا اللبن، ووعدتاه موضعا من رجفان، يقال له / ذو القشع. فانطلق، / فصرف غنمه إلى ذلك الموضع،


(١) ف، مب: وجوها من فضائل.

(٢) النفس: كذا في ف. وفي سائر النسخ: القصر.

(٣) ف، مب: عيسى بن الحسين.

(٤) كذا في ف، مب. وفي سائر النسخ: حدّثني محمد بن عيسى.