كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه

صفحة 343 - الجزء 16

  وترى مدامعها ترقرق مقلة ... حوراء ترغب عن سواد الإثمد

  خود إذا كثر الكلام تعوذت ... بحمى الحياء وإن تكلم تقصد

  لم يطغها شرف الشباب ولم تضع ... منها معاهدة النصيح المرشد

  وتبرجت لك فاستبتك بواضح ... صلت وأسود في النصيف معقد

  / وكأن طعم سلافة مشمولة ... بالريق في أثر السواك الأغيد

  فقال الرشيد: هذا واللَّه الشعر، لا ما أنشدتمونيه سائر اليوم! ثم أمر⁣(⁣١) مؤدب ابنيه محمد الأمين وعبد اللَّه المأمون، فروّاهما الأبيات.

  يتحدّث إلى أيم فينهاها قومها

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا أحمد بن زهير، قال: حدّثنا الزبير بن بكار، قال: حدّثني سليمان بن عياش، قال:

  كان محمد بن بشير الخارجيّ يتحدّث إلى عبدة بنت حسان المزنية، ويقيل⁣(⁣٢) عندها أحيانا، وربما بات عندها ضيفا، لإعجابه بحديثها، فنهاها قومها عنه، وقالوا: ما مبيت رجل بامرأة أيّم؟ فجاءها ذات يوم، فلم تدخله خباءها، وقالت له: قد نهاني قومي عنك، وكان قد أمسى، فمنعته المبيت، وقالت: لا تبت عندنا، فيظن بي وبك شر⁣(⁣٣)، فانصرف وقال فيها:

  /

  ظللت لدى أطنابها وكأنني ... أسير معنّى في مخلخله كبل

  أخيّر إما جلسة عند دارها ... وإما مراح لا قريب ولا سهل⁣(⁣٤)

  فإنك لو أكرمت ضيفك لم يعب ... عليك الذي تأتين حمو ولا بعل

  وقد كان ينميها إلى ذروة العلا ... أب لا تخطاه المطية والرحل

  فهل أنت إلا جنّة عبقرية ... يخالط من خالطت من حبكم خبل⁣(⁣٥)

  وهل أنت إلا نبعة كان أصلها ... تضارا فلم يفضحك فرع ولا أصل

  صددت امرأ عن ظل بيتك ماله ... بواديك لولاكم صديق ولا أهل

  عابته أسلميه فأحبها

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا أحمد بن زهير، قال: حدّثنا الزبير، قال: حدّثني سليمان بن عياش، قال:


(١) ف، مب: ثم أمر محمدا الأمين وعبد اللَّه المأمون برواية الأبيات.

(٢) ف، مب: يقيم.

(٣) ف، مب: سوء.

(٤) كذا ورد البيت في ف. وفي مب: جلسة عند كاره. وجاء في سائر الأصول محرفا:

أعبدة إما جلسة عند كاره ... وإما مزاح لا قريب ولا سهل

(٥) البيت عن ف، مب.