كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه

صفحة 345 - الجزء 16

  فقال لهم رجل مر بهم: أما تبرحون عن هذا الشعر⁣(⁣١) وأنتم حرم، ولا تدعون إنشاده وقول الزور في المسجد! فقالت المرأة: كذبت لعمر اللَّه، ما قول الشعر بزور، ولا السّلام والحديث حرام على محرم ولا محل. فانصرف الرجل، وقال فيها الخارجيّ:

  أمالك أن تزور وأنت خلو ... صحيح القلب أخت بني غفار؟

  فما برحت تعيرك مقلتيها ... فتعطيك المنية في استتار

  وتسهو في حديث القوم حتى ... يبين بعض ذلك ما توارى⁣(⁣٢)

  فمت يا قلب ما بك من دفاع ... فينجيك الدفاع ولا فرار

  فلم أر طالبا بدم كمثلي ... أودّ وحسن مطلوب بثار

  إذا ذكروا بثأري قلت سقيا ... لثأري ذي الخواتم والسوار

  وما عرفت دمي فتبوء منه ... برهن في حبالي أو ضمار⁣(⁣٣)

  وقد زعم العواذل أن يومي ... ويومك بالمحصّب ذي الجمار⁣(⁣٤)

  من الإغباء ثم زعمت أن لا ... وقلت لدى التنازع والتّمار⁣(⁣٥)

  كذبتم ما السّلام بقول زور ... وما اليوم الحرام بيوم ثار⁣(⁣٦)

  ولا تسليمنا حرما بإثم ... ولا الحب الكريم لنا بعار⁣(⁣٧)

  فإن لم نلقكم فسقى الغوادي ... بلادك والرويّات السواري

  قصيدته في الغفارية بعد فراقهما

  قال سليمان: وفي هذه المرأة يقول الخارجيّ وقد رحلوا عن مكة، فودعها وتفرقوا:

  يا أحسن الناس لولا أن نائلها ... قدما لمن يبتغي ميسورها عسر⁣(⁣٨)

  وإنما دلَّها سحر تصيد به ... وإنما قلبها للمشتكي حجر⁣(⁣٩)

  هل تذكرين كما لم أنس عهدكم ... وقد يدوم لعهد الخلَّة الذّكر⁣(⁣١٠)

  قولي وركبك قد مالت عمائمهم ... وقد سقاهم بكأس الشقوة السفر


(١) كذا في ف. وفي سائر الأصول: أما تزدجرون نحن حذاء الشعر. تحريف.

(٢) ذلك: كذا في ف. وفي سائر الأصول: أهلك.

(٣) تبوء منه: تخلص منه بالاعتراف ودفع رهن أو دين. والضمار من الدين: ما لا يرجى، أو ما كان بلا أجل معلوم.

(٤) ف: وقد علم العواذل.

(٥) الإغباء: الإخفاء. وفي مب: لذي التنازع.

(٦) ف، مب: ولا اليوم.

(٧) ف، مب: حرما بجرم.

(٨) ف، مب: إلا أن نائلها. وفي سائر الأصول: قائلها، في موضع: نائلها. وفي («لسان العرب»: أجر): يرتجى معروفها.

(٩) تصيد به: كذا في «اللسان». وفي سائر النسخ: لطالبه.

(١٠) في «اللسان»: ولما أنس. وفي ف، مب: وقد يذم بعهد الخلة.