أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه
  / قال: فقامت هند، فصكت وجهها وعينيها، وصاحت بويلها وحربها، والخارجيّ يبكي معها، حتى لقيا جهدا، فقال له عبد اللَّه بن الحسن: ألهذا دعوتك ويحك؟ فقال له: أفظننت أني أعزيها عن أبي عبيدة؟ واللَّه ما يسليني عنه أحد؛ ولا لي عنه ولا عن فقده صبر، فكيف يسليها عنه من ليس يسلو بعده(١)!
  قوله يذم من مطله ويمدح زيد بن الحسن
  أخبرني عيسى، قال: حدّثني الزبير، قال: حدّثني سليمان بن عياش، قال:
  وعد رجل محمد بن بشير الخارجيّ بقلوص، فمطله، فقال فيه يذمه، ويمدح زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب #:
  لعلك(٢) والموعود حق وفاؤه ... بدا لك في تلك القلوص بداء
  فإن الذي ألقى إذا قال قائل ... من الناس: هل أحسستها لعناء(٣)
  / يقول الذي يبدي الشّمات وقوله ... عليّ وإشمات العدوّ سواء(٤)
  دعوت - وقد أخلفتني الوعد(٥) - دعوة ... بزيد فلم يضلل هناك دعاء
  بأبيض مثل البدر عظَّم حقه ... رجال من آل المصطفى ونساء(٦)
  / فبلغت الأبيات زيد بن الحسن، فبعث إليه بقلوص من خيار إبله، فقال يمدحه:
  إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة ... نفى جدبها واخضر بالنبت عودها
  وزيد ربيع الناس في كل شتوة ... إذا أخلفت أنواؤها ورعودها
  حمول لأشناق الديات كأنه ... سراج الدجى إذ قارنته سعودها
  يبكي سليمان بن الحصين
  أخبرني عيسى، قال: حدّثني الزبير، قال: حدّثني سليمان بن عياش، قال: نظر الخارجيّ إلى نعش سليمان بن الحصين وقد أخرج، فهتف بهم، فقال:
  ألم تروا أن فتى سيدا ... راح على نعش بني مالك
  لا أنفس العيش لمن بعده ... وأنفس الهلك على الهالك
  وقال فيه أيضا:
(١) ف، مب: ولالي عزاء عن فقده، فكيف ... ليس يسلوه.
(٢) في الأصول ما عدا س، مب: (تعلل) في موضع (لعلك). وفي «الخزانة» و «كتب شواهد النحو»: حق لقاؤه. وفي ف، مب: ذاك القلوص.
(٣) هل أحسستها لعناء: كذا في ف، مب. «وخزانة الأدب» (٤: ٣٧) نقلا عن «الأغاني». وفي سائر الأصول: هل للواعدين وفاء.
(٤) رواية الشطر الثاني في ب، س: «عليّ به بين الأنام عناء».
(٥) الوعد: كذا في ف و «الخزانة». وفي سائر النسخ: الوأى. وهو بمعنى الوعد.
(٦) هذا البيت عن ف، مب، و «الخزانة».