كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن بشير الخارجي ونسبه

صفحة 351 - الجزء 16

  أما السّياليّ⁣(⁣١) فلن ينساك ... لو يرتميك الناس ما رماك⁣(⁣٢)

  يعاتب زوجته

  أخبرني عيسى، قال: حدّثنا الزبير، قال: حدّثنا سليمان بن عياش، قال: كانت عند الخارجيّ بنت عم له، فهجاه بعض قرابتها، فأجابه الخارجيّ، فغضبت زوجته، وقالت: هجوت قرابتي. فقال الخارجيّ في ذلك:

  /

  أمّا ما أقول لهم فعابت ... عليّ وقد هجيت فما تعيب

  فرمت وقد بدالي ذاك منها ... لأهجوها فيمنعني النسيب⁣(⁣٣)

  فلا قلب يبصّر كل ذنب ... ولا راض بغير رضا، غضوب⁣(⁣٤)

  أسنت زوجته فتزوّج أخرى

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا أحمد بن زهير قال: حدّثني مصعب قال: وحدّثني الزبير عن سليمان بن عياش، قالا:

  تزوّج الخارجيّ جارية من بني ليث شابة، وقد أسنّ وأسنت زوجته العدوانية. فضربت دونه حجابا، وتوارت عنه، ودعت نسوة من عشيرتها، فجلسن عندها، يلهون ويتغنّين ويضربن بالدفوف، وعرف ذلك محمد فقال:

  لئن عانس قد شاب ما بين قرنها ... إلى كعبها وأبيض⁣(⁣٥) عنها شبابها

  صبت في طلاب اللهو يوما وعلَّقت ... حجابا لقد كانت يسيرا حجابها

  لقد متّعت بالعيش حتى تشعّبت⁣(⁣٦) ... من اللهو إذ لا ينكر اللهو بابها

  / فبيني برغم ثم ظلَّي فربما ... ثوى الرغم منها حيث يثوي نقابها⁣(⁣٧)

  لبيضاء لم تنسب لجدّ يعبيها⁣(⁣٨) ... هجان ولم تنبح لئيما كلابها

  تأوّد في الممشى كأنّ قناعها ... على ظبية أدّماء طاب شبابها

  مهفهفة الأعطاف خفّاقة الحشى ... جميل محياها قليل عتابها


(١) السياليّ: يريد المولى الذي سقط، وهو منسوب إلى السيالة، وهي قرية جامعة على الطريق من المدينة إلى مكة، بينها وبين ملل سبعة أميال، وبينها وبين الروحاء التي كان ينزلها الشاعر اثنا عشر ميلا، وهي لولد الحسن بن علي الذي مدح الشاعر ابنه زيدا.

(٢) رماك: كذا في ف، وفي سائر الأصول: ارتماك.

(٣) كذا في ف، مب. وفي سائر الأصول: فيغلبني.

(٤) يبصر: كذا في ف، مب. وفي سائر النسخ: أضر بكل ذنب. تحريف.

(٥) أبيض شبابها: يريد أبيض شعرها، وهذه رواية ف. وفي سائر الأصول: امتص.

(٦) في ف: لقد متعت بالعيش حتى تمتعت ... من العيش. وفي سائر الأصول:

لئن متعت بالعين حتى تشعبت

ومعنى تشعبت من اللهو: تغيرت أخلاقها. وربما كانت تشعبت محرفة عن تشغبت بالغين، أو عن تشبعت.

(٧) ثم ظلي: يريد: بيني بذل وابقي به. وفي جميع الأصول: طلي، بالطاء، ولا معنى له هنا.

(٨) ف: يشينها. وقوله لبيضاء، أي لأجل حبي بيضاء.